قبل أن أطلع على صفحات هذا الكتاب، قلت في نفسي: هل أجد مضمون هذا الكتاب يماثل روعة اسمه وجماله؟! وبعد قراءتي لبعض صفحاته ألفيته يستحق هذا الاسم فكان اختيار الأستاذ النهاري موفقا للاسم والمضمون في جميع ما اشتمل عليه كتابه من مواد قيمة وذات مدلول من أمثال وحكم ومواعظ.
كما أنه سار على طريقة الأسلاف الكرام في مدوناتهم التراثية من كثرة النقول عن أهل الخبرة والرأي من الحكماء والعقلاء والشعراء، وقبل ذلك النصوص الكريمة من كتاب الله وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
وكان الأستاذ أبي سعد أمينا في نقله لتلك الحكم والمواعظ إذ أشار إلى مصادرها وقائليها حسب ما تقتضيه الأمانة الأدبية وهذا أمر لا يستغرب منه، وجعل للمصادر والمراجع قائمة في آخر الكتاب لمن أراد التوسع ومعرفة مصادر المؤلف.
فنشكر له هذا الجهد الرائع الذي يستحق الإشادة ونحن بحاجة لأمثال هذا الكاتب خاصة في هذه الأيام كما يجب أن نقول عنه (غذاء العقول ودواء المعلول):
وأن جميع ما احتواه هذا السفر يذكر العاقل بحكمة ربما غابت عن ذهنه ويستفيد من أراد أن يتثقف كما يستفيد منه النشء الجديد.
وسوف أقوم بذكر بعض المواعظ والحكم التي اطلعت عليها أثناء قراءتي السريعة لهذا الكتاب على النحو التالي:
1- لا مروءة لكذوب، ولا أخ لملول، ولا سؤدد لسيئ الخلق.
2- أقدام متعبة وضمير مستريح خير من ضمير متعب وأقدام مستريحة.
3- المشورة لقاح العقول، ورائد الصواب، والمستشير على طرف النجاح، واستنارة المرء برأي أخيه من عزم الأمور وحزم التدبير.
4- من اعتصم بعقله ضل، ومن استغنى بماله قل، ومن عز بمخلوق ذل.
5- لا تتكلم وأنت غاضب، فستقول أعظم حديث تندم عليه طوال حياتك.
6- احترس من الباب الذي له مفاتيح كثيرة.
7- تباعد كعب الأحبار يوما في مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأنكر ذلك عليه فقال: يا أمير المؤمنين إن في حكمة لقمان ووصيته لابنه، إذا جلست الى ذي سلطان فليكن بينك وبينه مقعد رجل، فعله يأتيه من هو آثر عنده منك فينحيك فيكون نقص عليك.
8- سئل الإمام أحمد بن حنبل إمام اهل السنة والجماعة: كيف أصبحت؟ قال: كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرائض، ونبيه يطالبه بأداء السنة، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل، ونفسه تطالبه بهواها، وإبليس يطالبه بالفحشاء.
أخيراً: أجزم بأن هذا الكتاب، وبجزئه الأول الذي جاوزت صفحاته الثلاث مائة صفحة سيكون لبنة مهمة يستفيد منها أي كاتب أو باحث أو راغب في الوقوف على جمل رائعة من حديث الأسلاف، وهذه دعوة مني للمؤلف وأشد على يديه بأن نرى الجزء الثاني قريبا بإذن الله.
قراءة - عبدالله بن محمد بن محمس