القاهرة - محمد العجمي:
انتقد خبراء مصرفيون واقتصاديون في مصر ما سموه وصفة صندوق النقد الدولي بمعالجة الآثار السلبية للأزمة المالية وعجز الموازنة، وطالبوا بضرورة مراجعة دور الصندوق في الدول النامية منتقدين سياساته في هذا المجال والتي لا تخدم سوى الدول المتقدمة، كما طالبوا بضرورة إصلاح المؤسسات المالية الدولية بما يراعي ظروف التنمية في الدول النامية. وكان صندوق النقد الدولي قد طالب مصر بفرض ضرائب قيمة مضافة جديدة، والاقتراض من الخارج، وتقليص الدعم بهدف تقليل العجز في الميزانية، والحفاظ على جذب المستثمرين الأجانب. وحث الصندوق مصر على اللجوء إلى الاقتراض الخارجي حالياً بدلاً من الاقتراض الداخلي نظراً لارتفاع الدين العام.
وأكد الدكتور عبدالمجيد راشد خبير اقتصادي أن صندوق النقد تنامى دوره وصلاحياته منذ إنشائه، وطور مبدأ (المشروطية) في مجال حقوق السحب ليفرض رقابة على اقتصاديات الدول الأعضاء في حال العجز الكبير في ميزان المدفوعات، ومنحت أزمة المديونية في الثمانينات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الفرصة المواتية لتطبيق برامج التكيف الهيكلي، وجرى الربط بين إعادة جدولة الديون ومنح قروض جديدة ومساعدات وبين تطبيق برامج التكيف الهيكلي. ويضيف أن المهمة الرئيسية لصندوق النقد الدولي هي- بحسب ميثاق بريتون وودز 1945 - العمل على ضمان ثبات أسعار الصرف، ومساعدة الدول الأعضاء على مواجهة النقص المؤقت في العملات الأجنبية لعلاج العجز الطارئ في ميزان المدفوعات.
وأكد أن مهمات الصندوق تطورت على نحو لم يكن وارداً في الخيال، فقد أصبح يحل محل الحكومات في صياغة الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لأنظمة الحكم، وإحداث تغييرات أساسية والتأثير في مستويات الأسعار والتكاليف وتوزيع الدخل القومي كشرط لتلقي (مساعداته). وأضاف أن الصندوق فقد الكثير من فعاليته خلال التسعينيات وتآكلت العديد من أدواته في ظل عمليات العولمة المالية الكاسحة وتنامى دور الشركات المالية العملاقة التي تقوم بالسيطرة على حركة رؤوس الأموال قصيرة الأجل (الأموال الساخنة) وتقوم بأعمال الوساطة المالية لمصالح الدول والشركات الكبرى في العالم، سواء في مجال إصدار الأسهم والسندات (العامة والخاصة) أو تعويم القروض في السوق العالمية وغيرها من أنشطة الخدمات المالية.
ويشير الخبير المصرفي حسين يحيى إلى أن وصفة صندوق النقد الدولي لعلاج عجز الموازنة في مصر تقليدية، ولا تصلح في إنعاش الاقتصاد المصري مشككاً في نوايا الصندوق نحو الدول النامية، وأشار إلى ضرورة رفض أي خطوات تأتي من الخارج لأنها دائماً ما تخدم مصالح الدول المتقدمة، مشيراً إلى أن الأزمة المالية أثرت على كل الدول وفي حالة الركود لا يمكن فرض ضرائب جديدة، بل يجب العمل على تنشيط الطلب المحلي وزيادة الإنفاق لإحداث الانتعاش الاقتصادي، فمحاربة الركود لن تأتي إلا بتشجيع الاستهلاك المحلي. وقال إن الدعوة لمرونة سعر الصرف لتنشيط الصادرات ليس في صالح مصر لأن تخفيض الجنيه سيؤدي إلى ارتفاع التضخم في الوقت الذي لن تشهد الصادرات المصرية أي ارتفاع، لهذا فمن الأفضل الاحتفاظ بقوة الجنيه لصالح محدودي الدخل، ويذكر يحيى بأن ماليزيا رفضت وصفة صندوق النقد الدولي في أزمتها في التسعينيات لهذا تقدمت وأصبحت من النمور الآسيوية.
وطالب الخبير المصرفي الدكتور أحمد الهاشمي بضرورة إعادة منظومة المؤسسات الدولية بما فيها الصندوق الدولي لخدمة الدول النامية، مشيراً إلى أن الصندوق والبنك الدولي لهما دور كبير في مصر منذ سنوات طويلة وحتى الآن لم نشهد أي تقدم في الاقتصاد المصري. وأشار إلى أن اقتراحات الصندوق بالنسبة لمصر مرفوضة ولا تتناسب مع طبيعة المجتمع المصري الذي يعاني من الفقر والبطالة إلى جانب أنه لا يمكن فرض ضرائب في ظل الركود.