لا أحسب أن المليارات التي تضخها الميزانية العامة للوطن للتعليم مؤشراً لغير أن يكون التعليم هو المدار الرئيس لحركة تنمية المجتمع داخل المدن والقرى والهجر، وليكون محور الأهداف تصميماً وتنفيذاً، وأن يكون المقصود بهذا الضخ السخي الإنسان لا الورق والحجر.
فما تكون فائدة مدارس عالية البناء, فسيحة المكان, صقيلة الأرجاء, وملفات ورقية مكتظة الأوراق، محبرة السطور، مزدحمة الأفكار، أو حجرات كثيرة المقاعد، وفيرة الوسائل، ويكون الإنسان فارغ العقل، هش المعرفة، ضحل الخبرات، واهن القدرات، متردداً عن جهل، خجلاً من قصور، مرتبكاً من خوف، فزعاً من موقف, مندفعاً للتقليد عن فراغ، مكابراً في حمق، متقاعساً عن واجب، متراخياً عن همة، سواء كان طالباً يرتاد البناء ليتلقى، أو معلماً يأتيه لينفذ، أو إدارياً يقف فيه بصولة.
هذا الضخ الثري الذي تحمل لنا أعداده وإمداده الصحف والقرارات لهو مؤشر وضَّاء لخطوة صائبة في حركة تنمية التعليم.
ينبغي أن تكون نتائجها القادمة ملموسة في صياغة جديدة تؤتي ثمارها في الإنسان، بحيث يضاهي على الأقل نظيره في المجتمعات المتقدمة في أبجديات يمكن أن تأخذ به إلى مصاف أولى في نسب العلم والمعرفة والإنجاز.