اعتدنا على محاكاة الآخر دون التمعن في ذواتنا والتركيز على ما تحمله هذه الشخصيات من خلفيات ايديولوجية قد لا تسمح - في كثيرٍ من الأحيان - لنا بتجاوزها وتجاهل ما تحتويه من خصوصيات هي الوجه المثالي للشخصية العربية (الإسلامية)، فما بالك بالسعودية التي تزيد نسبة الخصوصية فيها على باقي بلدان القطر العربي بأضعاف؛ لاعتباراتٍ عديدة (بدهية) تتصدرها مكانة المملكة العربية السعودية على الصعيدين الديني والسياسي.
نجنح إلى التقليد رغبة منا في الرقي بكياناتنا (المتواضعة) فلا نجد أمامنا سوى خيال الآخر (البريء) المصطلح مع طبيعته وفق ما تمليه عليه ظروفه وأحواله، فنثقل كاهله برغبتنا (المتنامية) تلك فنتحول تلقائياً إلى مَسخٍ من هذا وذاك ونضيع داخل دهاليز (الآخر) الذي سينظر إلينا - في أحسن الأحوال - بعين الشفقة والرحمة، وهذه النظرة ستظل ملازمة لنا ما دمنا نعامل أنفسنا بهذه الطريقة (القسرية!)؛ لا بد لكل فرد منَّا أن يتعرف جيداً على تفاصيل كيانه ومجتمعه وألا يُتبِع نفسه هوى غيره فيذوب (طوعاً) في تلك القوالب الجاهزة الوافدة إلينا من هنا وهناك والتي تقدمها بعض الفضائيات على أنها نماذج حيَّة (مثالية) لما ينبغي أن تكون عليه الشخصية العربية (الحديثة) لينجرف مع هذه الدعايات (الترويجية) العشرات والمئات من اللاهثين خلف سراب الحضارة كما يرونها ويدّعونها.
قد يَعْسُر فَهْم ذلك بمفهومه الاجتماعي الخارجي، ولو حاول هؤلاء قياس هذه الظاهرة ومقاربتها بالشخصيات المحلية داخل مجتمعنا لاستوعبوا القطر الأساس من هذه المعادلة، فكل شخصٍ يعيش داخل هذا العالم المترامي له شخصية مستقلة وكيان مقفل فلا يمكن أن يكون نسخةً مكررةً لأي شخصٍ كان حتى التوائم متطابقي الأشكال لا تتوافق شخصياتهم وهذه هي سنة الله في الكون.
كثيراً ما يتجاهل بعضهم قيمنا وأعرافنا (العتيدة) ليضربوا بها عرض الحائط غير مبالين بها أو مكترثين بما تحمله من مبادئ فتجبرهم رغباتهم (المطردة) على إغراق مجتمعنا المحافظ بتلك الهامشيات التي يعتبرونها مفتاحاً بل باباً واسعاً نحو الحضارة والتقدم والازدهار بينما لا تعدو كونها كمالياتٍ مظهرية أو ترفيهية كاللباس والسينما وغيرهما، أمور لا يمكن أن تدفع بنا خطوة واحدة نحو الأمام ومع ذلك يصر بعضهم على إقحامها (كرهاً) داخل مجتمعنا، فإلى متى يعيش هؤلاء على هامش الزمن غير مبالين بما يدور حولهم أو بما تؤول إليه عواقب الأمور..؟!.