المجتمعات البشرية في هذا الكون الفسيح, ترفض بشكل غريزي وتلقائي (قسرها) على ثقافة واحدة وتنميطها بنمط واحد, فهي غير قابلة في جوهرها أن تستجيب لأي اتجاه يجعلها بمواصفات موحدة.
ورفضها هذا, نابع من داخلها, ذلك أن الله جعل الناس شعوبا وقبائل أي متمايزين ومختلفين وفقاً لمنظومة من المعتقدات والقيم والعادات والسلوكيات غير المتكررة لدى مجتمعات البلد الواحد, فما بالك بالمجتمعات على مستوى العالم.
إن القنوات الفضائية, هي أبرز مرآة يمكن أن تعكس تعدد الثقافات في الوطن الواحد؛ فعلى سبيل المثال : تشاهد قنوات البادية وما تحمله من ثقافة تعكس تفاصيل الحياة البدوية وفنونها وشعرها ولباسها وقيمها, فيما نرى في المقابل القنوات الدينية التي تحمل كل منها تصورا معينا عن الدين, رغم خروجها من وطن واحد.
وقس على ذلك القنوات الغنائية والثقافية التي تمثل أنماطا ثقافية يصعب حصرها بصورة تؤكد أن المجتمعات في جوهرها نتاج ثقافات متعددة غير قابلة للتنميط.
إن الثقافات المتعددة في الوطن الواحد تمثل جانبا حضاريا تزيد في ثراء الوطن وتعزز الثروة البشرية لديه وتجدد حياته باستمرار وتجعله يقف على أرضية صلبة متنوعة قادرة على التواصل العالمي في شتى المجالات.
أما قسر أي وطن على ثقافة واحدة, فإن ذلك يعني تشظي بنية الوطن و قتلا شنيعا لثروات بشرية أخرى في الوطن, ومصادرة عقول أخرى كان يمكن أن تخدم الوطن في مجالها.
Ra99ja@yahoo.com