قال تعالى:{وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ} (154) سورة الأعراف، وبعيداً عن تفسير الآية الكريمة، وعن اللغة العربية وبحر بلاغتها، والذي لا أفهم فيه ما يجعلني أقف عند شاطئه، أقول ولِمَ لا يكون للغضب صوت؟.. صوت لا كأصواتنا نسمعه ونفهمه وقد يفرض علينا أن نفعل ما يقول. أليس لإبليس صوت يختلف عما نعرفه من أصوات يستفززنا به؟.. فلمَ لا يكون صوت الغضب أو صوت الكبر والغرور أحدها؟.. ثم ألم تقل العرب بفطرتها لا ببلاغتها: استمع لصوت العقل أو لصوت الحكمة؟.
أنا أظن -والله أعلم- أن لكل شيء صوته ولغته التي يفهمها كل البشر على اختلاف لغاتهم، يقول بها ما يعزز كينونته، فللخوف صوت، وللإثم صوت، وللخوف والحماسة ولكل شيء صوت يعلو ويخفت، يثور تارة فيحدث ضجيجاً وصخباً في نفوسنا أو سكينة وراحة، أو يخفت فلا نكاد نشعر به، صوت تسمعه أرواحنا وتفهمه وتتأثر به، فيحدث بحسب نوعه وقوة تأثيره في أنفسنا ما يظهر على تصرفاتنا وسلوكنا، فلا يتحدث الإنسان مع نفسه متفاخراً أو لائماً إلا وترد عليه هذه الأصوات بحسب تمكنها في روحه، وتحاوره فيسير حسب ما يعلو من صوت.
وموسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- سكت عنه الغضب، خفت صوته ولم يظهر بعد أن علا على كل الأصوات وقت غضب موسى، فظهرت أصوات غيره مثل صوت الحكمة والإيمان وغيرها.
أنا لا أطلب من القارئ الكريم أن يؤيدني فيما ذهبت إليه، لكني أطلب منه أن يتأمل معي في مفردات كتاب الله وكلماته، ويقف على كل كلمة وهو يقرأ كتاب الله ويتأمل فيها.. وسيجد أبواباً لا تعدّ ولا تحصى للتأمل والتعلم غير ما كان يعرفه، ولنتبادل آراءنا وأفكارنا الناتجة عن تأملنا لمفردات القرآن الكريم، علنا نجد ما يفتح الله به على قلوبنا فيزداد إيماننا وتمسكنا بكتاب الله.. والله المستعان.