بعد نجاح مواقع إلكترونية تلفزيونيات أوروبية وأمريكية في زيادة عدد المتصفحين لها، بسبب وجود مواد فيديوية مجانية، جاء موقع MSNالتابع لشركة مايكروسوفت، ليعلن إطلاق خدمة بث البرامج التلفزيونية المجانية، حيث يتوقع أن يبث نحو300 ساعة تلفزيونية مجانية، بالطبع فإن استرجاع الاستثمارات الضخمة في شراء الحقوق سيتم عبر الإعلانات التي يحصل عليها من المعلنين على الموقع. ويأمل موقع MSNمنافسة الموقع الأشهر (اليوتوب) الذي تملكه شركة غوغل.
في المقابل، أعلنت مؤخّراً شركة (نيوز كورب) - والتي تملك بي سكاي بي وفوكس وصحف التايمز والصنداي تايمز والصن البريطانيّة، ونيويورك بوست ووول ستريت جورنال الأمريكيّتين، ودار نشر هاربر كولينز وموقع ماي سبيس الاجتماعيّ، أعلنت على لسان إمبراطورها روبرت ميردوخ أنها ستفرض رسوماً على دخول مواقعها الإلكترونية، وذلك لمواجهة الهبوط الحاد في أرباحها وتزايد خسائرها التي بلغت أكثر من 4 مليارات دولار.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أننا أمام موجتين متفاوتتين في عالم النشر الإلكتروني، أولها وهي الأصل، المدرسة المجانية، والأخرى المستحدثة بفعل الأزمة المالية العالمية والتي تسعى إلى تغيير مبدأ الإنترنت والتراجع عن مجانيّة الدخول إلى المواقع والخدمات، وفرض رسوم مقابل التجول والتصفح لمواقع بعينها.
والأخيرة طبعاً لا تجد ترحيباً بين المستخدمين الذين يجدون في فرض الرسوم انقلاباً على الإنترنت ذاتها، بل وبحكم أنه ضعف في قدرة هذه المواقع على الابتكار، وفشلها في تحقيق مداخيل إعلانية مقابل ما تدعيه من نجاحات. وسط منافسة حادة.
وهو أمر يشبه كثيراً وضع وسائل الإعلام، وتحديداً القنوات التلفزيونية الفضائية، والتي بينها اليوم من يقدم بثه مجاناً مقابل الاعتماد على الإعلان لتحقيق الأرباح، ومحطات تقدم في باقة اشتراك مدفوعة الثمن وفق مبلغ شهري للاشتراك وحصة أقل بكثير من الفاعلين.
لكن عالم الإنترنت مختلف جداً، ما يحدث أن الإنترنت تقدم خدماتها مجاناً، وسط منافسة تتحكم قوة المستخدمين بنتائجها، والمواقع التي تطالب باشتراك هي مواقع متخصصة ومحدودة للغاية، وقد تبقى كذلك.
مايكروسوفت صاحبة الحصة الأكبر بين متصفحات الإنترنت ومواقعها الإلكترونية، حاولت مبكراً بحث فرض رسوم على مواقع وخدمات، وحتى على متصفحها للإنترنت، إلا أنها وجدت نفسها تصطدم بحائط هائل من عزوف المستخدمين إلى خيارات أخرى، ثم عدلت عن الفكرة قبل تطبيقها، واعترف مؤسسها بجوهر الإنترنت المجانية للمستخدمين حول العالم، وهو سر الشبكة العالمية وانتشارها.
قد تفلح بعض المواقع التي تطالب المستخدمين بالدفع مقابل المحتوى، لكن طريقها صعب جداً، لأنه في الإعلام وفي النشر، يبقى طريق الإعلان هو الأهم دائماً، لذا ستبقى المواقع المجانية هي الأصل في الإنترنت.
إلى لقاء
* * *