من المعلوم لدى الجميع أن القطاعات الإدارية في أي دولة تقوم بدور فعال للوطن والمواطن باعتبارها المساعد للحكومة والجهات التنفيذية لها، فالحكومة في أي بلد تضع الخطوط العريضة والقواعد العامة، وتأتي الإدارة لترجمة ذلك إلى خدمات ملموسة،
لأن الحكومة ليس بإمكانها الإحاطة بالجزئيات لكون مهمتها تتعلق بالتنظيم ووضع السياسات واتخاذ القرارات، أما الإدارة فإن طبيعة عملها ميدانية ولذلك فهي تحيط بالجزئيات وتمد الحكومة من ذلك بما يساعدها على اتخاذ قراراتها، ولذلك فإنه لكي تنجح الإدارة وتحقق أهدافها فإنه توجد عدة عناصر ينبغي توفرها في الإدارة الناجحة ومنها:
- اختيار أفضل الكفاءات لشغل الوظائف القيادية، ذلك لأن القائد الإداري هو محور العملية الإدارية والأسوة الحسنة، فإن كان جاداً ومخلصاً ومنضبطاً، فإن ذلك سوف ينعكس على أعمال إدارته وعلى مرؤوسيه، وإن كان غير ذلك فإن إدارته سوف تكون متسيبة وغير منتجة.
وفي هذا المجال تم وضع القواعد والمبادئ اللازمة التي من شأنها الوصول إلى الاختيار المناسب في شغل هذه الوظائف، ذلك أنه يفترض أن شغل هذه الوظائف لا تحكمه الأقدمية أو التأهيل العلمي فقط، بل إن السمعة الطيبة للشخص وتداول ما يتميز به من كفاءة وحسن تصرف وتعامل طيب بين الناس هو المعيار الأفضل المعول عليه في شغله للوظيفة القيادية.
- تفعيل المهام الأساسية للإدارة ومن أبرزها المتابعة الجادة من الرؤساء والمشرفين بأن يخصصوا جزءاً من وقتهم لذلك، وكذلك حسن التنظيم وديمومة التخطيط للمستقبل، فالمتابعة عنصر مهم لنجاح العمل الإداري وتلافي ما قد يشوبه من أخطاء، كما أن المتابعة تشعر الموظف بحضور قيادته معه باستمرار إذ إن المتابعة قد تكون على الأعمال للتأكد من سلاسة حركتها وسلامة إجراءاتها، وقد تكون على الأشخاص للاطمئنان على دقة انضباطهم وحسن تعاملهم، وذلك أن المتابعة المستمرة بفرعيها المشار إليهما تؤدي إلى انسياب حركة الأعمال وعدم تأخرها أو فقدها، كما أنها تؤدي إلى تقوية عنصر المسؤولية لدى الموظفين إذا علموا أنه يوجد من يتابع أعمالهم وانضباطهم في دوامهم كما أن حسن تنظيم الجهاز الإداري وتوزيع الاختصاصات بين المسؤولين المختصين بتطبيق أسلوب اللامركزية يؤدي إلى تلافي السلبيات التي قد تصاحب العمل الإداري كالبيروقراطية والمحسوبية ونحوهما.
- إعمال مبدأ العدالة والمساواة بين الموظفين، فلا يفضل أحد على آخر إلا بعمله وكفاءته وإنتاجه وإلا فقدت الإدارة مصداقيتها وأدى ذلك إلى إحباط الموظفين وعدم حماسهم لأعمالهم.
كما أن استمرارية التخطيط للمستقبل هو ديدن العمل الإداري الناجح، فالإدارة دائماً متطورة وليست جامدة ولذلك فإن استمرار عملية التخطيط يؤدي إلى العلم والإحاطة بأحدث النظريات في مجال العمل الإداري وبالتالي العمل بها وتطبيقها، وهو ما سوف ينعكس إيجاباً على العمل الإداري.
- أن يكون الأداء المميز بصفة دائمة هو المعيار الأول والأساس لشغل الوظائف بالترقية ومنح المزايا فقد تعطى الوظائف والمزايا في كثير من الحالات لأشخاص هم الأقل في مجال الكفاءة أو الجدارة وهو أمر له تأثير سلبي يحدث نوعاً من التناقض والتباعد بين موظفي المؤسسة أو الجهة الإدارية الواحدة مما يعيق سير حركة العمل وتحقيق الأهداف.. وفي هذا الإطار يقول أحد خبراء الإدارة: (إذا كنت تريد من الأفراد الذين يعملون معك أن يدينوا لك بالإخلاص والولاء فعليك أن تبادلهم هذا الولاء بأن تبرهن لهم ذلك بالدعم والمساندة والعدالة)، لذلك إن غالبية الأشخاص يلتحقون بوظائفهم وفق مبدأ الكفاءة والجدارة، وهم يتوقعون أن العامل الأكبر في نجاحهم هو أداؤهم المميز وعندما يكون هناك معايير أخرى للتقييم ومنح المزايا بخلاف معيار الأداء المميز كالمحسوبية وغيرها، فإن ذلك يؤدي إلى فقد الثقة والإحباط لدى هؤلاء الموظفين.
ومن أجل ذلك حرصت الأنظمة الوظيفية في بلادنا على إبراز مبدأ الجدارة والكفاءة كأساس لشغل الوظائف سواء بالتعيين أو الترقية، ويبقى الدور على الجانب التنفيذي المسؤول عن التطبيق الذي له دور رئيس في تنفيذ هذه الأمانة، فشغل الوظائف الحكومية في بلادنا مثلاً لا يتم بشكل كامل من قبل وزارة الخدمة المدنية التي وضعت معايير وضوابط معلنة لشغل الوظائف التي تم من قبلها.. أما الوظائف العليا والمستثناة ووظائف المرتبة الخامسة فما دون، ووظائف المستخدمين والبنود والترقية على وظائف المرتبة العاشرة فما دون فيتم من قبل الجهات الإدارية التي لها دور كبير في تطبيق هذا المبدأ.
- أن يتم تقييم أداء الموظفين بموضوعية ذلك أن لتقارير الكفاية أو الأداء الوظيفي دور مهم في الكثير من العمليات الوظيفية كالترقية والنقل ومنح المزايا الوظيفية، وتقرير الأداء غير الموضوعي أو الواقعي قد يؤدي إلى منح الموظف الأقل كفاءة، أي من هذه المزايا مع حرمان الموظف الأفضل منها وذلك في حالة كون تقرير أداء الموظف الأقل كفاءة لا يعكس الواقع وتم إعداده بطريقة ارتجالية وغير جادة أو بالمجاملة والمحسوبية، في حين أن تقرير أداء الموظف الأفضل قد تم إعداده حسب الواقع أو حسب ترتيب دقيق قام به رئيسه، ولذلك فإن الأمر يتطلب من كل جهة إدارية وضع نماذج موحدة تشمل المعايير التي يتم على أساسها إعداد تقارير الأداء الوظفي مع تكليف الرؤساء والمشرفين بالتدوين في هذه النماذج أولاً بأول ما يتعلق بأداء كل موظف وفي نهاية السنة يتم إعداد تقرير الأداء من واقع المعلومات المدونة في هذه النماذج بحيث يكون التقرير لكل موظف موضوعياً ويعكس الواقع، وعند ذلك يكون ما يمنح للموظف من مزايا بموجب هذا التقرير منطقياً ومقبولاً وعادلاً.
- الاستشعار بأن الوظيفة العامة ليست كما يشعر بعض المشرفين أو المديرين -وإن شاء الله إنهم قلة- مع طول بقائهم في الإشراف على إداراتهم يعتقدون وكأن هذه الوظائف الإشرافية أصبحت ملكاً لهم فهم ليسوا على استعداد لتقبل أي فكر للتطوير ويريدون أن تسير الأمور كما هي عليه ومثل هذا التصرف يعود سببه إلى تدني مستوى المتابعة على مثل هؤلاء المشرفين الذي لا يقتصر على هذه السلبية، بل يترتب عليه سلبيات أخرى كتوقف الإبداع لدى الموظفين لعدم تحمس رئيسهم لذلك واتسام الأعمال بالروتين لعدم وجود لمسات في التجديد، ولذلك فإن معالجة هذا الأمر وقطع الطريق على مثل هؤلاء لا يتم إلا بأن يكون في كل جهة إدارية لجنة لمتابعة أداء المشرفين للتأكد من صلاحية استمرارهم في أعمالهم من عدمه وتفاعلهم مع موظفيهم.
- المصداقية في أداء العمل وذلك بأن يقوم الموظف سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص بدور مهم في سير عجلة العمل، فالعنصر البشري بتكامله المتمثل في الموظفين بمختلف تخصصاتهم هو الذي يملك اليد الطولى في إنجاز الأعمال وتحقيق الأهداف حتى مع وجود التقنية الحديثة من حاسوب وغيره لأن هذه التقنية لا تعمل لوحدها، بل هي في حاجة إلى عنصر بشري وهو الموظف لإدارتها، كما أن المراجع للجهة الإدارية أو المؤسسة الأهلية يحتاج إلى من يستقبله ويوضح له سير معاملته ومتى تنتهي، وهذه المهام لا يقوم بها إلا عنصر بشري، كما أن المشرف الإداري يرغب في أن تحقق إدارته النجاح المستمر والسمعة الطيبة وتلافي الأخطاء، وهذه الأهداف لا تتحقق إلا بالإخلاص وتفاني الموظفين الذين يعملون معه، كما أن بعض مهام واختصاصات الجهات الإدارية تتسم بالعمومية وخدمة ورفعة الوطن والدفاع عنه.. وهذه الأهداف السامية لا تتحقق إلا بإخلاص الموظفين وتفانيهم في القيام بواجباتهم، كما أن المؤسسات الأهلية تتركز أهدافها في تحقيق الربح والمادي وهذا الهدف لن يتحقق إلا بسبب تفاني الموظف وإخلاصه وأمانته ودقته في عمله. كما أن المؤسسة الإعلامية تحقق المزيد من النجاح والتطور إذا كسبت ثقة قراء منشوراتها من صحف ومجلات أو قنواتها الإذاعية والمرئية، وذلك عن طريق تحريها الدقة والأمانة في نقل الأخبار وإجراء الحوارات والتحقيقات والمقابلات ومتابعة المستجدات واختيار المقالات الموضوعية وهذه الأهداف لا تتحقق إلا بوجود فريق متكامل يتسم بالوعي والأمانة والدقة في القيام بأعماله.
فبموجب هذه المصداقية ينبغي أن يتسم النشاط الإداري بالآتي:
- أن يكون الموظف منضبطاً في عمله حضوراً وتواجداً وانصرافاً، وأن يتسم أداؤه لعمله بالدقة والأمانة والإخلاص وكأنه يعمل لنفسه وليس من أجل الآخرين.
- أن يكون نزيها وبعيداً عن الشبهات وغير مستغل لعمله لمصالحه الشخصية.
- أن يكون عادلاً وبشوشاً عند تعامله مع المراجعين، ومتحلياً بالأخلاق الفاضلة عند تعامله مع رؤسائه وزملائه ومراجعيه.
- أن ينجز أعماله في أوقاتها وألا يؤخرها لأسباب لا علاقة لها بمصلحة سير العمل.
- أن يكون متعاوناً وبعيداً عن الذاتية والأنانية، لكون الهدف الذي يجمعه مع رؤسائه وزملائه هدف واحد.
- أن تتسم أعمال الإدارة بالدقة والأمانة والعدل والمساواة.
- أن تحرص كل إدارة على التركيز على إنجاز مهامها المطلوبة منها بالتخطيط والمتابعة واتخاذ القرارات الصائبة وألا تشغل نفسها بأمور جانبية لا علاقة لها بها.
- أن تحرص الجهة الإدارية على اختيار موظفيها وفق مبدأ الكفاءة والجدارة والبعد عن المحسوبية والمجاملة والعواطف.
ِِِِAsunaidi@mcs.gov.sa