هكذا يموت الرجل
ليس بالرصاص... ليس بالسيف...
بل يحب حتى الموت...
تمضي عليه الليالي ببطء...
فيقتله السهر...
تنساه النجوم... فهي لا تعرف اسمه...
فقد غدا غريباً حتى عن نفسه...
تنسى أحاديثه وشكواه..
تنسى وجهه.. بعد أن شربت كلها نخب ذكراه...
وينكر وجوده القمر...
هكذا يموت الرجل
ليس بالرصاص... ليس بالسيف..
بل تتعبه أفكاره حتى الموت..
فقد سئم أن تتقاذفه كما تريد...
كره طعمها.. الحلو منها والمر..
يحاول أن يتجاهلها ما استطاع..
ما يحزن منها وما يسر...
لا يعترف بوجودها... فقد أدرك بعد فوات الأوان
أنها على حياته تشكل الخطر....
هكذا يموت الرجل
ليس بالرصاص... ليس بالسيف...
بل تقتله الذكريات...
فلا تزال هناك في أعماق قلبه...
يستحضرها كلما أغلق عينيه...
فلا يزال يبتسم كلما تذكر مرحها والضحكات...
لا يزال يحزن كلما تذكر دموعها والآهات...
كل مرة يغلق عينيه يهرم...
من منا لا يكبر بعد أن تمر عليه كل تلك السنوات....
هكذا يموت الرجل
يقتله شوقه...
ليس بالرصاص... ليس بالسيف....
بل يقتله من حياة عاشها.... لحظات
هكذا يموت الرجل
تختفي نساء الأرض..
وتبقين أنت... بجمالك الملائكي...
تنقطع أنفاسه وهو ينظر إليك...
تكبلين قلبه بأصفاد عينيك...
فيترك الدنيا ليكون قربك...
يقطع البحر... يمشي على الجمر... يصرخ ويجن...
وحتى يقتل... لأجلك...
لا يريد منك سوى أن تحبيه...
فأنت وحدك.. قلبه سلبتيه...
في حيرة من أمري أنا.. كيف بعد كل ذلك لا تصدقيه؟
ينتزع قلبه من صدره...
وبيديه المدرجتين بالدم يقدمه لك...
وبلا مبالاة.. ترفضيه..
هكذا يموت الرجل
تأسرين روحه...
ثم تأخذين جسده وتصلبيه...
هكذا يموت الرجل
ليس بالرصاص... ليس بالسيف...
بل يحبك... لكنك بكل برودة أعصاب
تقتليه...
مأمون فريد