طفلة تلهو وتحلق كفراشة تحمل الطهر في قلبها والبراءة الجميلة في محياها نعم هي هند بنت الثامنة من عمرها وحيدة والديها نمت بينهما في حياة يملؤها الشجار وتسودها المشكلات وكان هذا حال الأسرة صباح مساء لا تهدأ أبداً، وبسبب هذا الوضع السيئ تحاول هند الهرب من واقعها إلى دروسها ولكنها لا تستطيع التركيز، وفي يوم من الأيام حدث شجار عنيف بين والديها سمعت عند أمها وهي تبكي وتطلب الطلاق من والدها ولم تملك هند غير البكاء والحزن الذي خيم على أجواء غرفتها وتم الانفصال بين أمها وأبيها، ولكن الأب جعل من هند وسيلة لتعذيب والدتها فأخذها منها بقوة وذهب بها إلى بيت زوجته الأخرى لتذيقها مرارة التعذيب وقسوة التعامل، أما الأم فقد غادرت إلى بيت والدها وحاولت الأم مرات عديدة إحضار هند للعيش معها في بيت والدها وكان الأب يرفض ذلك، تزوجت الأم من رجل آخر وقد وعد الأم بأن يكون لهند أباً حنوناً، وسرعان ما بدأت زوجة الأب تشتكي تلك الطفلة لوالدها وتسيء إليها بكل الألفاظ السيئة، فكر الأب بالتخلص من هذه المشاكل بإرجاع هند لبيت والدتها وفعلاً رجعت هند لأمها ولكنها لم تجدها كما كانت فقد انصرفت الأم لإسعاد ذلك الزوج ونسيت هند التي هي الآن في سن الثالثة عشرة وفي بداية المراهقة والحاجة الماسة لأمها لتكون بقربها، وكثيراً ما باتت هند وهي تبكي من فقد عاطفة والديها أب همه إسعاد زوجته وأم انشغلت بزوج وأبناء آخرين عن هند، وفي يوم من الأيام جلست هند وهي تبكي على طاولتها في الصف اقتربت منها زميلتها أمل التي كانت تعيد الصف الثاني متوسط للسنة الثانية وسألتها عما بها وعن سبب بكائها فسكتت هند ولم تجب عليها ولكن أمل أصرت على معرفة سبب بكائها وحزنها الدائم قالت هند: أنا لا أستطيع المذاكرة ولا التفكير ولا التركيز، وحكت هند بعد تردد قصتها لزميلتها أمل، هنا انتهزت أمل الفرصة بجذب هند إلى طريقها طريق الضياع والدمار فقالت: لا عليك يا هند أنا لا أحد يسأل عني وأعيش بحرية تامة وأسعد نفسي بطريقتي لكوني برفقتي تسعدي قالت هند: كيف يا أمل؟ أمل: سوف أعطيك أرقاماً اتصلي بها سوف تجدين أشخاصاً يمنحونك الحنان الذي تبحثين والهدايا وكل ما تطلبين، أخذت منها الورقة بتردد وجلست تفكر في منزلها وتنتهز غياب والدتها عن الهاتف ولم يحصل لها ما تريد، ففكرت أن ترجع الورقة لزميلتها تلك في يوم الغد وهي تبكي بحيرتها بين الحزن لحالها والبحث عن منفس لها ولكنه طريق الرذيلة، ومن الصدفة أن حدث تفتيش لحقائب التلميذات في ذلك اليوم فسارعت هند لإخفاء تلك الورقة فرأتها المعلمة وهي مرتبكة وقربت منها وأخذت منها الورقة التي تحتوي على مجموعة من الأرقام تعجبت منها المعلمة وما سبب خوفها ولماذا تحاول إخفاءها لها سنتان في هذه المدرسة ما الذي حدث لها، فسقطت هند على طاولتها وهي تبكي بحرقة وخوف حاولت المعلمة تهدئتها وأخذتها خارج الصف وسألتها عن سبب بكائها فقصت لها ما حدث بينها وبين زميلتها، طمأنتها المعلمة بأن لها أمّاً ثانية في هذه المدرسة وحاولت تحتويها بقدر الإمكان ثم توجهت إلى المرشدة لتخبرها بحالة الطالبة هند لعمل ما ينبغي تجاهها وتم استدعاء أمها وتبليغها ماحدث وتنبهت الأم لما يحدث ولكن عندما كادت هند أن تضيع، وأخذت تبكي وتظهر الندم على إهمالها، وأحضرت المرشدة هند إلى أمها ضمتها بحرارة وهي تقول والبكاء يقطع صوتها ابنتي تلك الغصن الطري الذي حرم معاهدة صاحبة من السقاء والري والملاحظة وظل صابراً كنبتة الصبار في صحراء قاحلة، فعفواً مهجة فؤادي إن حرمت ربيع طفولتك وتجرعت مرارة الحرمان منذ الصغر ولم تعش كغيرها من البنات.
لمياء صالح محمد العزام