علت الأصوات وتعاظم الصراخ بين الصغار عندما تنازعوا أمرهم واختلفت كلمتهم وتباينت مذاهبهم عن الموقع المناسب لقبر (كناري الأسرة) قال الأول بلهجة تفيض رقة وتسيل حنانا ليس ثمة أنسب من وسط الحديقة حيث نمر عليه مصبحين وممسين نسرح فيه النظر ونقلب فيه الطرف نعبق من ماضيه ونسترجع جميل الذكريات، فما كان من الثاني إلا أن رفع الصوت محتجا متهما أخاه بضعف الحجة وسقم البرهان قائلا: إن قبر الكناري يجب ألا يراوح طرف الحديقة حيث سيكون هناك قرير العين ساكن الروح بعيداً عن مواطئ الأقدام وعبث العابثين ثم صاح كبيرهم بنبرة الثقة والحكمة قائلا: هذا الطائر يجب أن يدفن في مسقط رأسه بين أشجار الصنوبر بين أهله وأصدقائه!.ولم يوقف هذه الجلبة وينهي هذا الضجيج إلا صوت الأم مذكرة صغارها بأنهم لم يشتروا الكناري بعد.
(إن الاستغراق بصحبة أوهام المستقبل وانتظار المصائب التي لم تصل! يورث الجزع والقلق الذي لا يثمر بأي شيء!)