القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
توقّع خبراء مصرفيون إفلاس أكثر من ألف مصرف بالولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة، مستبعدين أن تنتقل عدوى إفلاس البنوك إلى العالم العربي بسبب وجود استنفار حكومي لمواجهة أي تداعيات قد تفرضها الأزمة المالية على قطاع البنوك. وأشار الخبراء إلى أن أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه الكوارث المالية في أمريكا هو وجود خليط ما بين استخدام طرق تمويل غير آمنة، ومنح قروض لشركات ومؤسسات فاشلة. مبينين أن معظم البنوك التي أفلست في أمريكا سبق لها وأقرضت بكثافة للعديد من مطوري العقارات التجارية والسكنية الذين أصابتهم نكسة اقتصادية؛ الأمر الذي أدى إلى حدوث هذه الانهيارات.
وذكر الخبراء أن بعض المصارف كانت قد أفلست لتعرضها لظروف صعبة خارجة عن إرادتها، وعبروا عن خشيتهم من أن تفلس بنوك أخرى، خصوصا أن أسواق العقارات بالولايات المتحدة وقطاعات الأعمال الصغيرة لا تزال تعاني حتى الآن أزمات اقتصادية.
واستبعد الدكتور فؤاد شاكر رئيس اتحاد المصارف العربية حدوث إفلاس في البنوك العربية لعدم وجود تمويل غير آمن فيها. مشيرا إلى أن التأثير قد يكون في تراجع الأرباح، أو تحقيق بعض الخسائر، إلا أنه لن يصل مطلقاً إلى حالة الإفلاس. وأضاف أن هناك فرقاً كبيراً بين(شح السيولة) و(شح الملاءة)، فما حدث للبنوك الأمريكية هو (شح الملاءة) الذي يعني أن البنك فقد جزءاً من رأسماله نتيجة خسائره المالية؛ ما أدى إلى شح السيولة بالبنوك الأمريكية.
وأضاف أن ما يحدث في المنطقة العربية هو شح سيولة فقط، وهو ما لا يمكن أن يتحول إلى شح ملاءة، هذا بالإضافة إلى تدخل البنوك المركزية في العالم العربي واهتمامها بالسلامة المصرفية واتباعها سياسات تصويب المسار وفق معايير دولية جديدة. ودعا شاكر إلى عدم المبالغة في تقدير تداعيات الأزمة المالية العالمية على العالم العربي. مشيراً إلى أن هذه الأزمة ستؤدي إلى وضع ضوابط أكبر على عمليات الإقراض العقاري، وعلى عمليات بيع القروض بين البنوك كأصول مستثمرة، وتصحيح هامش الإقراض العقاري مع تغير قيمة العقار في السوق ومحاسبة مديري البنوك الذين أخفوا الحقائق عن المودعين، وإقامة إطار عام دولي جديد لتنظيم الأسواق المالية حتى لا يكون الاقتصاد العالمي ضحية لمشكلات أمريكية.
ويري حسين عبدالعزيز (الخبير المصرفي) أن إفلاس البنوك في المنطقة العربية غير وارد الآن في ظل الاستنفار من الحكومات والبنوك المركزية لمنع أي مؤشرات لظهور عمليات إفلاس في المنطقة؛ فقد تدخلت البنوك المركزية في الدول العربية مبكراً, ووضع ضوابط للتمويل العقاري كان أيضاً سبباً في أن تكون المصارف العربية بمنأى عن الأزمة الحالية، إضافة إلى أن حجم التمويل العقاري بالنسبة إلى إجمالي التمويل المقدَّم من البنوك العربية لا يتجاوز 15%، كما أن أسعار العقارات في الدول العربية مستقرة وبعيدة عن المضاربات مثل سوق العقارات في الولايات المتحدة؛ ما يجعل الطلب في السوق العربية طلبا حقيقيا على العقارات.