حذّر (بيرو غراسو)، المدعي العام الإيطالي، من تزايد نشاط العصابات الإيطالية واجتياحها عالم كرة القدم، وقال في مقابلة صحفية: إن (كرة القدم في مرمى نيران المافيا). بدوره فرض الاتحاد الدولي (فيفا) نظاماً موحداً لانتقال اللاعبين يبدأ تطبيقه اعتبارا من أكتوبر 2010 يهدف إلى ضمان سلامة صفقات اللاعبين التي ثارت حولها الشبهات بعد أن تضخمت قيمها لتصل إلى حدود 100 مليار يورو.
توقيع نادي ريال مديد الإسباني مع النجم البرازيلي كاكا مقابل 64 مليون يورو، والنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو مقابل 94 مليون يورو، أثار الكثير من المراقبين العالميين، وربما المنافسين الذين استغلوا قيمة الصفقات لإثارة الشبهات حولها!.
(خوان لابورتا) رئيس نادي برشلونة أكد على أن (صفقتي كاكا ورونالدو تثيران الكثير من الاستغراب والدهشة) وطالب (بالتحقيق في مصدر الأموال التي موَّلت الصفقتين وشرعيتهما).
السيد ميشيل بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم انتقد أيضا الصفقتين بقوله: (يوجد شيء غير طبيعي بشأن الأموال الضخمة التي تنفق من قبل أندية مثل ريال مدريد في سوق الانتقالات).
الاتحاد السعودي لكرة القدم اعتمد نظام (فيفا) القاضي بتطبيق النظام الموحد لانتقالات اللاعبين الذي يهدف إلى التأكد من سلامة صفقات انتقال اللاعبين من الناحية المالية، كما أن الدكتور صالح بن ناصر، رئيس لجنة الاحتراف في الاتحاد السعودي لكرة القدم، نفى، في تصريحات صحفية، (تورط أندية محلية في عمليات غسيل الأموال عن طريق صفقات اللاعبين) وزاد: (لا يجرؤ أي أحد في هذا البلد على استخدام أموال مشبوهة)!.
ولعلي أتفق مع الدكتور صالح بن ناصر في نفيه الأول، ونؤكد نزاهة الأندية الرياضية في هذا الجانب، وتمتع بعضها بمعايير إدارية متقدمة، وخبرة احترافية مالية واسعة لا تقل في مجملها عن الخبرات العالمية.
فالأموال المتأتية من عمليات الاحتيال تعتبر من الأموال المحرمة التي لا يسمح القانون الدولي بتمريرها في النظام المالي من خلال القطاع المصرفي، وهي وإن أودعت سراً في حسابات اللاعبين المنتقلين من أنديتهم إلى أندية أخرى تحت مسميات مختلفة، أو دفعت نقداً وتم إدخالها في القطاع المصرفي، فهي لا تعدو أن تكون أموال اكتسبت بطريقة غير مشروعة يجرمها قانون (غسل الأموال).
القطاع الرياضي المحلي يشهد تطوراً سريعاً على المستويين الفني، والإداري، ونمواً كبيراً في الإيرادات والنفقات، ما يجعله أكثر حاجة لتطبيق المعايير الدولية ذات العلاقة بقوانين الاحتراف، والرقابة المالية الصارمة، مع كل ما يتعلق بعقود اللاعبين وإيرادات ونفقات الأندية بشكل عام.
قيم صفقات اللاعبين لم تعد كما كانت عليه في السابق بعد أن تجاوزت الحد المعقول، ورغم جزمنا بسلامة الصفقات الرياضية المحلية وخلوها من الشبهات، إلا أن الإعلان عن مصادر التمويل، وقيم الصفقات الحقيقية بشفافية مطلقة بات أمراً ضرورياً لتطبيق المعايير الدولية ذات العلاقة بقوانين (غسل الأموال)، وأنظمة الاتحاد الدولي.
سلامة موقف الأندية الرياضية السعودية، وخلو معاملاتها المالية من الشبهات لا يضمن عدم تعرضها لاتهامات المتربصين مستقبلاً، إذا لم تلتزم بتطبيق المعايير الدولية ذات العلاقة بالشأن الرياضي، الإداري، والمالي على حد سواء.
المراجعة القانونية للمعاملات المالية، تطبيق القوانين العالمية، وأنظمة الاحتراف الدولية، وعدم تحميل الأندية ديون لم تقرها مجالسها الإدارية، من الأمور الكفيلة، بعد الله، بحماية الأندية السعودية وقطاع الرياضة من أية أخطاء مستقبلية قد تؤثر سلباً في مسيرتها المباركة.
F. ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM