الفرق بين الشرقي والغربي في تناول القضايا الاجتماعية الكبرى, والمشكلات الإنسانية المعقّدة, يتضح كثيراً في الأسلوب الإداري, فالشرقي يكتفي باستصدار (قرار) برقم وتاريخ, ينتهي (بخرمين) على جانبه الأيمن لينام مع رفقائه السابقين في رف قصي لا تعرف كيف تستعيده مرة أخرى, في حين ينتج الغربي قانوناً مستمراً يكون مرجعية رسمية في المحاكم يعتمد عليه في الأحكام القضائية.
القرار الشرقي, لا يحمل أي فلسفة في ظهوره, بقدر ما يكون ردة فعل سريعة واستجابة لحظية لمواقف عابرة, بينما القانون الغربي يحمل فلسفة كاملة وتفاصيل دقيقة لمبررات وجوده.
عادة يظهر القرار الشرقي, بناءً على ثقافة أحادية, أو رأي شخصي, أو بسبب غضبة مضرية, بينما القانون الغربي يظهر بعد دراسة الموقف من جميع جوانبه, القرار الشرقي لا يعتمد عليه قانونياً, بينما القانون الغربي يعتمد عليه قضائياً. وهذا ما يجعل القرار الشرقي ضيِّق الأفق قصير النظر يضطر لاحقاً بعد أن تتضح له معالم جديدة أن يصدر قراراً إلحاقياً يوضح فيه ما استجد حوله من ردود فعل, أما القانون الغربي فيبقى مدة من الزمن متفق عليها يحدث بعدها التغيير المناسب.
وأهم نقطة فارقة في هذا السياق, هي أن القرار الشرقي يمكن أن يلغيه قرار جديد من مسؤول جديد, في حين أن القانون الغربي لا يتغيّر بتغيّر المسؤولين.
القرار الشرقي يختفي أثره بالتقادم, أما القرار الغربي فيستمر أثره ووقعه مهما طال به الزمن, هذه النقطة بالذات تجعل الشرقيين النافذين يتخطون القرار بوصفه غير موجود في الساحة, في حين أن القانون الغربي فوق الجميع.
القرار الشرقي كثيراًَ ما يمنع ويلغي ويفصل أكثر مما يؤكّد حقوقاً إنسانية, أما القانون الغربي فيعطي حقوقاً ويمنع مظالم.
وعليك بعد سرد هذه المفارقة أن تأتي بأمثلة حيَّة وواقعية من إنشائك.
Ra99ja@yahoo.com