انطلقت حملات القنوات التلفزيونية بشكل صاخب من أجل عرض وجبتها الرمضانية الدرامية وعروض المسابقات والإنتاج الضخم والدسم، حيث إن 70% من الإنتاج التلفزيوني العربي مخصص لشهر رمضان، فيما النسبة الباقية الـ 30% هي موزعة على بقية أشهر السنة الأحد عشر!. وهي معادلة غير متزنة، وتظهر خلل علاقة بعض الأقنية الإعلامية والقنوات التلفزيونية مع المشاهدين.
وضع يفضح حقيقة ضعف القنوات في جهة فهم المشاهد العربي وعلاقته بالتلفاز، التي توقفها غالبية المحطات العربية على شهر واحد، وحدث أن أصبح شهر رمضان موسم الإعلان والإنتاج التلفزيوني العربي المكثف الذي يعاد تدويره لأشهر السنة الأخرى..!
فهل اهتمام المشاهد العربي بالتلفزيون هو رمضاني موسمي وحسب؟!.
الواقع والتجربة تقول عكس ذلك؛ لنأخذ مثلاً قدرة (إم بي سي) على تفجير الدراما التركية في الفضاء العربي العربي من خلال مسلسلي سنوات الضياع ونور اللذين اخترقا معدل مشاهدة جماهيري غير مسبوق في تاريخ التلفزيون العربي، وحققا نجاحات كبيرة وجارفة انتقلت عدواها إلى الصحف والمجلات على مدى أشهر، وهو ما يعني أن المشاهد العربي جاهز لمتابعة أعمال تقترب إليه نفسياً وفنياً بغض النظر عن ردود الأفعال المتحفظة أو حتى الفتاوى المستعجلة، لكن بشرط أن تكون المحطة قادرة على فهم احتياجات المشاهد العربي كما تعيه (إم بي سي).
من الواضح أن طبيعة التجمعات الأسرية وأوقات الليل الطويلة لها دور في علاقة المشاهدين في رمضان بالقنوات التلفزيونية، حيث بدأت من الآن حملة الاستقطابات للمشاهدين والمعلنين لمتابعة البرامج والمسلسلات والعروض المخصصة لهذا الشهر، وعادت قنوات تلفزيونية لتقدم نفسها للمشاهد بعد غياب شبه كامل منذ شهر رمضان الماضي، لتنشر إعلانات استجداء المشاهدين ومحاولة جذبهم عبر مسابقات وإعلانات وأخبار تنتشر بشكل ظاهر هذه الأيام في الصحف المحلية.
لكن يبدو أننا في سوق الإعلام الفضائي العربي نلحظ أزمة للمحطات التلفزيونية بفعل تأثير ثقافة التلفزيون الحكومي الذي سيطر لوقت طويل على المشاهدين، وبالطبع على تشكيل أذواق الناس والوصاية على أوقاتهم واختيار ما يناسبهم وما لا يناسبهم، دون أي دراسات أو استطلاعات للرأي. فقط المحطات الناجحة هي التي تتفهم رغبات جمهورها وتتابعهم طوال السنة، فيما الأخرى الأقل حظاً لا تتذكر نفسها ومشاهديها إلا في رمضان.. وتحديداً عشرين يوماً فقط طوال العام.
إلى لقاء..