كعادة سنن الكون تتعاقب السنون والأيام، والليل والنهار ويأتي رمضان ويذهب آخر وننتظر القادم، هكذا هي الدنيا تعاقب وتبادل في المواقع والأزمنة، إنها حكمة الله وقدرته وجميل صنعه، يأتي رمضان أو يقترب من الحلول فتهب الناس كل الناس لتأمين موائد رمضان وأكلات رمضان وكأن حال الأمة مقدمة على مجاعة ما بعدها مجاعة، أرتال من الحاجيات تعلو العربات وطوابير من الصفوف تنتظر دورها ليتكرم عليها ذلك المحاسب لإنهاء المهمة، ولا تلبث الفورة بالخمود حتى يهبوا مرة أخرى عسى أن يكونوا نسوا إحدى الحاجيات الضرورية أو الكمالية، إنها المنافسة والتسابق على الموائد والأطعمة، الكل قبل أسبوع من رمضان أو أقل بقليل نجد الأوراق الطويلة ذات العرض الذي لا يتجاوز العشرة سنتيمترات تعانق الأيدي والكل مشغول بالكتابة عليها ما لذ وطاب حتى لا ننسى شيئاً هو من الأهمية بمكان، لا بأس أن نأكل برمضان ومن ذا الذي يحرم ما حل الله، لكن المبالغة في ذلك أمر ممقوت وطغيان أمر على أمر هو محل نظر وتقييم، حضرت إحدى الجلسات العائلية فكان الحوار يتجاوز النصف ساعة بين الأب والأم والأبناء، ماذا نشتري وهل هو العصير س أم العصير ص، وهل نوع الحلويات ل أم ع، وهل اللحوم تُعمل بالشكلم أم ف، ووقفت مدهوشاً هكذا يستقبل الناس رمضان، أليس هناك خطة جميلة تعمل لذلك الشهر تكون خليطاً من توزيع الوقت والمهام والأعمال التي سنقوم بها بما أمر الله، وذلك أضعف الإيمان كما يقولون، وقت للأكل، وقت لقراءة القرآن ووقت للزيارة والآخر لعمل الخير ومساعدة المحتاجين وآخر لإصلاح ذات البين، والوقوف مع النفس في أوقات أخرى للتأمل والرجوع من الذنب والإقلاع عنه، ومحاسبة النفس بأسلوب رائع وجميل، هذا أخطأت عليه، وثاني ظلمته، وثالث قاطعته بدون سبب أو بسبب، ومن ثم تصفية تلك الأمور ولو حتى بشكل أسبوعي وفي نهاية كل أسبوع من هذا الشهر العظيم، ألم ينزّل القرآن في هذا الشهر الكريم وكان نبينا أجود ما يكون في رمضان وعند العشر الأواخر، ألم يكن نبي الهدى يتدبر القرآن في هذا الشهر مع جبريل ويتدارسه ويتعلمه، ألم يكن هذا الشهر شهر غزوات وانتصارات للمسلمين ونصرا لرايتهم ومنهجهم في كل أرجاء الدنيا، ألم يكن صلاة وعبادة وصدقا وعمل معروف ومساعدة محتاج ومسح دمعة طفل هو بأمس الحاجة إليها، تكالب الناس على القشور والموائد وماذا عملنا هذا اليوم، وماذا أكلنا، إنها الأسئلة المقززة الخالية من كل منهجية وعمق إيمان وبعد شعور، الكل منا مطالب بعمل جدول وخطة لتوزيع مهامه وكيف يقضي وقته مع نفسه وزوجته وأولاده، لماذا لا نغرس تلك الثقافة في أبنائنا، هل كان أحدكم مع أبنائه في أول يوم من رمضان ثم تحدث معهم بأنه سيضع برنامجاً يتبعه الجميع ولو بشكل نسبي؟ وعلى سبيل المثال سنتذاكر القرآن عصر الجمعة، سنزور أقاربكم بعد صلاة تراويح يوم الخميس، سوف ندعو للأموات كل يوم اثنين، سوف نتدارس ماذا كان يعمل الصحابة في أوقات فراغهم وذلك يوم السبت كل عصر، وهكذا دواليك، إنها والله الكارثة العظيمة أن يسبح الناس في أهوائهم وملذاتهم وننسى تغذية أفكارنا وأرواحنا بالإيمان، والعمل الصالح المقرب إلى الله، إنها انعدام الإدارة والإرادة القائمة على الأسس المتفقة مع ما نادى به رسول الهدى عليه أفضل الصلاة والسلام إنها دعوة لقارئ هذه السطور لنفسه قبل غيره ولكن الذكرى تنفع المؤمنين، سألت أحد القريبات وقلت لها كم تقضين من الوقت كل يوم لإعداد موائد الطعام فأجابت وبدون حاجة للتفكير، أكثر من ست ساعات للفطور والسحور هذا فضلاً عن ساعتين كل يوم لإعداد بعض الوجبات مسبقاً، أي 8 ساعات للقيام بإعداد الولائم والموائد، بالله عليكم هل تستطيع امرأة كحالها أن تتدارس القرآن أو تصلي صلاة التراويح أو حتى تقرأ كتابا فيه فائدة، إنها المبالغة في الأشياء وسوء التوزيع في الأوقات والأدوار والمهام، كل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وجعلنا وإياكم من عتقاء النار.
كاتب سعودي
Kmkfax2197005@hotmail.com