الأمن الغذائي المتمثل بتوفير السلع الغذائية الصالحة والمستدامة والمتناولة سعرياً أصبح هاجس كثير من الدول خصوصاً الدول شحيحة المياه كبلادنا. وحكومتنا اتخذت جملة من القرارات والإجراءات لتحقيق الأمن الغذائي، منها الاستثمار الزراعي خارج البلاد، وهي خطوة مفرحة لنا وللدول التي تتمتع بمقومات زراعية من أراض زراعية شاسعة ومياه غير مستثمرة وطاقات بشرية عاطلة واقتصاديات متباطئة، كما أنها قد تكون خطوة غير سارة لجهات لا تريد لأموالنا أن تتجه للاستثمار في الأصول الزراعية المنتجة بما يعود علينا وعلى الدول المستضيفة لاستثماراتنا بالفوائد العديدة.

أصبحنا على يقين أن المبادرة التي تهدف إلى حث وتشجيع الشركات الزراعية السعودية على الاستثمار في زراعة المحاصيل الأساسية للمجتمع والمساهمة في تحقيق أمنة الغذائي في الخارج اختزلت في الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة) والتي ستعمل على المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة العربية السعودية من طريق توفير أكبر قدر من الحاجات الغذائية والزراعية والمنتجات الحيوانية في شكل يساعد على استقرار الأسعار داخل المملكة.

حسب علمي أن إجراءات تأسيس الشركة لتباشر أعمالها تسير بسرعة جيدة، وأنا مطمئن جداً لنجاح هذه الإجراءات لأنها بيد المؤسسة المالية السعودية المشهود لها بالحكمة والكفاءة العالية في تأسيس الشركات الناجحة، حيث تأخذ كل عامل مهما كان صغيراً أو كبيراً على محمل الجد باعتباره عاملاً مؤثراً في ربحية الشركة ودرجة تحقيقها لأهدافها. ولكن لا مانع من التذكير بعامل مهم تعاني من عدم أخذه على درجة عالية من الاهتمام كثير من الهيئات والأجهزة الحكومية وكثير من مؤسسات المجتمع المدني، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

هذا العامل هو القيادة المتمثلة بالرئيس التنفيذي لهذه الشركة والذي سينعكس فكره الإداري والمالي والإبداعي على هذه الشركة بما يدفعها للنجاح أو للفشل -لا قدر الله- وأود هنا أن أذكر بضرورة اختيار القوي الأمين، القوي من حيث العلم والمعرفة والمهارات القيادية والتخطيطية والتنفيذية والخبرات وطرق التفكير والمرونة، والأمين على هذه الشركة وأغراضها ومشروعاتها وأهدافها خاصة وأنها لا تعتبر شركة فحسب بل محوراً مهماً في تحقيق الأمن الغذائي للشعب السعودي كافة، وبالتالي فإني أقترح على صندوق الاستثمارات المالك لهذه الشركة رغم ثقتي بأنه لن يفوت عليهم مثل هذا الاقتراح، وهو أن يضع معايير علمية دقيقة لاختيار الرئيس التنفيذي للشركة وألا يتهاون في تطبيقها على القيادات المقترحة، وأن يبتعدوا كل البعد عن أي معايير أخرى مهما كانت، كما إني أقترح على كافة أعضاء اللجنة الوزارية أن يتركوا هذه المهمة للمالك الرئيس للشركة دون ضغوطات أو حتى رغبات.

* * *