Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/08/2009 G Issue 13474
الاربعاء 28 شعبان 1430   العدد  13474

دفق قلم
مرحباً أيها الحبيب
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

في خضمِّ الحياة ومشاغلها ومشكلاتها، وأحداثها، يلوح لنا على شاطئ الأمل والراحة والهدوء هذا الحبيب الغالي، يشير إلينا بأكفِّ الحب والرحمة والمغفرة والعتق من النار، ينادينا إلى واحاته الخضراء، وبساتينه المثمرة، وأشذاء أزهاره المنتشرة في الأجواء الصافية، ويملأ قلوبنا بالأمل المشرق حين يبرز أمام أعيننا بوجهه الضاحك المستبشر الجميل.

يزورنا هذا الحبيب مرةً واحدةً كلَّ عام، يسعى إلينا بقلبه المحب، وروحه الصافية، ومودَّته الصادقة، وكأنه قد شعر بما وجدناه في غيابه من التعب والنَّصَبْ، وبما تراكم علينا من غبار الحياة الصاخبة اللاَّهثة، ومن دخان أحداثها التي لا تنطفئ منها نارٌ حتى تشتعل أخرى، فنحن فيها كمن يخرج من نفق إلى نفق، ومن قتام إلى قتام.

نعم هنالك شواطئ صغيرة تستريح فيها نفوس الذين يميلون إليها في أوقاتٍ محدَّدة، يستظلِّون بظلالها الوارفة، ويمسحون فيها عن وجوههم غبار التعب، ودخان العناء، شواطئ الصلوات الخمس التي يُوجِّه إليها المسلمون مراكبهم كلَّ يومٍ خمس مرات، يتزودون فيها بزاد العزيمة والصبر لمواصلة الإبحار في خضمِّ الحياة، أقول: نعم، عندنا بفضل الله هذه الشواطئ المشرقة، ولولاها لأنهكت أرواحنا وقلوبنا مشكلات عصرنا التي تجدِّدها أحداثُه كل يوم، ولكن هذه الشواطئ الصغيرة لا تغنينا عن شاطئ الراحة الكبير الذي تصل إليه مراكبنا مرةً واحدة كلَّ عام، حيث يزورنا فيه ضيفنا الحبيب الغالي، زيارةً تشرح الصدور، وتسعد القلوب، وتريح النفوس المجهدة.

مرحباً أيها الحبيب.. مرحباً بك يا رمضان، يا شهر الرحمة والغفران، يا شهر الصلاة والصيام وقراءة القرآن، مرحباً بك نبعاً صافياً يرتوي منه الظمآن، ودوحةً وارفة الظلال ممتدة الأغصان، وخيمة حبّ يأوي إليها المتعب الحيران.

(الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفِّرات لما بينهما، ما اجتنبت الكبائر) هكذا نحن -بفضل الله- في مواسم لا تنقطع، ومع ذلك يظل حبيبنا (رمضان) الموسم الأكبر للخيرات، الذي تزداد فيه ينابيع الخير تدفُّقاً، وغصون البركة امتداداً، وشمس الرضا واليقين تألُّقاً وإشراقاً.

(مرحباً أيها الحبيب) ينبض بها القلب، وتبوح بها الروح، وينطق بها اللسان، وتهتف بها المشاعر، وترددها كلُّ خلية من خلايا أجسادنا، وكلُّ ذرَّة من ذرَّات كوننا الفسيح، مرحباً بك نرفع بها أصواتنا، سائلين الله عز وجلَّ أن يجعل قدومك على أمتنا قدومَ الخير، قدوم المواساة للأرامل واليتامى، والضعاء والمساكين، قدومَ النصر والتأييد للمظلومين المضطهدين، قدوم الهداية والإرشاد للضالِّين التائهين.

(مرحباً بك أيها الحبيب) جملة وراء كلِّ حرفٍ من حروفها كونٌ فسيحٌ من الحبِّ الكبير.

* إشارة:

رمضان أقبلَ، هاتِها يا تالي

آياً من القرآن ذاتَ جلالِ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد