كان أحد الأشقاء العرب يملك في بلاده ثروة جيدة وإن لم يحسب من الأثرياء إلا في محيط محافظته التي يعيش فيها، قدم للمملكة وأدى العمرة وأعجب بالنشاط التجاري وبعد عودته لبلاده كان هذا الشعور ملازماً له، فالعمل مغرٍ هنا لتنشيط واستثمار ما لديه ولكن كيف؟ وسنحت له فرصة لزيارة أقارب له في بلاد نجد والتقى خلالها برجل عملي تبدو عليه علامات العلم بالتجارة بالخبرة والممارسة من بلدات أواسط نجد، فتحدث معه الوافد الشقيق وعبر له عن رغبته بتحقيق آماله وممارسة ميوله التجارية الاقتصادية، وكان له ما أراد إذ استطاع انجاز أوراقه والدخول مجدداً للمملكة للعمل وحدث أن شارك أحد المواطنين في استثمار قطعة أرض بعقود بينية تغلفها الثقة واحترام المواثيق لاطمئنانه لسلوك المواطن، وذات يوم ولأمر طارئ سافر لبلده ولأنه لا يعرف متى يعود حمل أهم أغراضه وأوراقه، ولبث هناك زمناً مرض خلاله وتوفي (رحمه الله) ووجد أكبر أبنائه وهو يعاين أوراق والده قصاصة ورق مثبتة بصك أرض تشير لملكية والده لها، أعد الابن شأنه للسفر وتوجه للمملكة واتصل بصديق أبيه وربما شريكه واستقبله الأخير بالحفاوة وحلف أن ينزل عنده بضيافته وبعد يوم أو يومين فاتحة الابن بموضوع الأرض فما كان من المواطن إلا أن دلَّه عليها وشهد معه بما يمليه عليه ضميره ومعتقده، وفوق ذلك ساعده على بيع الأرض بثمن لم يكن يحلم به هو أو الورثة وكل ذلك دون مقابل، وعند تحويل المبلغ ساعده للوصول إلى المسئولين ليشرح لهم كيف حصل عليه وانه حلال ورثة وما هي إلا إجراءات قصيرة حتى تمكن من تحويل المال، وقال بعد أن سجل إعجابه بالمواطن والمسئولين بالمملكة على إحقاق الحق والعدل ومعاملة الآخرين بالإحسان، قال: والله إنكم لتستحقون خدمة الحرمين والعز والأمن، فبارك الله فيكم.