شهد العالم توسعاً في استخدام التقنيات الحديثة في شتى مجالاتها، وأفاد منها في كل التطبيقات ونواحي الحياة المختلفة، وساعدت تلك التقنية على توصيل المعلومات، وسهّلت العديد من الخدمات، وانخفضت - بحمد الله - تكلفة استعمالها عما كانت عليه قبل سنوات قريبة، حتى أضحت من المستخدم على طرف التمام.
فما أحوجنا إلى استثمار هذه التقنية لملاحقة متغيرات هذا العصر المتسارعة وتنوع وسائل التقنية فيه، علنا نفيد منها ونسخرها لنسهل مهمتنا التربوية وتأصيل مبادئنا الأخلاقية!
ويواجه التعليم في الآونة الأخيرة تحديات قوية فرضتها عليه ظروف الانفتاح الثقافي وزخم البث الفضائي ومتغيرات التقنية، الأمر الذي يلزمنا - نحن التربويين - بإعادة النظر في طرائق تعليمنا واستراتيجيات تدريسنا للنشء وتوجيهه التوجيه الإيجابي الذي يجعله يفيد من تلك التقنية فيأخذ بأحسنها، حتى لا يتخبط، فيذهل، ثم يتهاوى أمام هذا التدفق النقلي والتيار الإلكتروني الذي قد يبتلعه دون أن يشعر بشأنه أحد!
ومن خلال تطور الاستراتيجيات التعليمية تجلت مسوغات عدة لتوظيف تلك التقنية كي نواكب نظريات التربية والتعليم التي تحتم استخدام طرق وأساليب تعليم وتعلم جديدتين. وباستخدام التقنيات الحديثة في التعليم يقف المعلم أمام منظومة تدريسية تختصر عليه الجهد والزمن، وتنمي لديه مهارات التعامل مع تلك المستحدثات ومواكبة ما يظهر منها لرفع مستوى الأداء لتحقيق أقصى درجات من التفاعل الإيجابي بينه وبين المتعلم، فباستخدام التقنية سهلت الخبرات للمتعلم، وأتيحت أمامه الفرص ليتعلم ما يشاء وقت ما يشاء بأسلوب ماتع يمكنه من الاعتماد على ذاته وتنمية مهاراته في بيئة جاذبة منفتحة على آخر ما توصل إليه المستحدث التكنولوجي.
من هذا المنطلق وعى المسؤولون بإدارة التربية والتعليم في كل أقسامها التربوية أن جيل العصر الرقمي والإلكتروني وعصر التقنية والحاسبات جدير بأن يخاطب بالعلم ويسلح بالتقنية، وأفضل أسلوب لجذبه هو استخدام الوسائل التي يفضلها ويحبها في قالب جديد ليتمكن من توصيل ما يراد توصيله إليه، ويربى التربية السليمة بأسلوب يقبله ولا يرفضه. فقبلوا التحدي الذي يجعل أساليب التعليم متماهية مع اهتمامات أبناء هذا العصر، فعملوا على توفير أحدث ما قدمت التقنية التعليمية لمستخدميها، وأتاحوا أمام المعلم آخر ما توصلت إليه صناعة البرمجيات التعليمية للمساهمة في تطوير أساليب التدريس لمواكبة التطوير الأعلى الذي يتطلع إليه خادم الحرمين الشريفين ويتبناه سمو وزير التربية والتعليم وأصحاب المعالي النواب مع كل المسؤولين في الوزارة. فتنافس أمناء مراكز مصادر التعلم والمعلمون والطلاب وبدعم من مديريهم في عمليات الإنتاج وفق معايير وأسس تربوية هدفت إلى حوسبة العملية التعليمية في كل مادة من المواد التدريسية، مما جعل إدارة التربية والتعليم في المحافظة أنموذجاً يستهدف بالزيارة للوقوف عليه، فبدأت الوفود تتقاطر على المحافظة، ولعل آخرها تكليف معالي نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنين الدكتور خالد بن عبد الله السبتي وفدا متخصصا في هذا المجال كي يقيّم هذه التجربة ويضم في عضويته نخبة من المتخصصين وهم: الأستاذ أحمد بن سليمان الدامغ مستشار النائب لشؤون البنين، والأستاذ محمد بن عبد الله الشويعر مدير الإشراف الإلكتروني، والأستاذ ياسر أمين بخاري مشرف عام ورئيس قسم الاجتماعيات. والأستاذ عبد الله بن فهد الوطبان مشرف عام تطوير تقنيات، حيث قام أعضاء الوفد بجولة ميدانية على بعض المدارس في مراحلها المختلفة، واطلعوا خلالها على مستوى التجهيزات التقنية والبرامج المبتكرة والتجارب التربوية المميزة في هذه المدارس، كما شملت الجولة مركز التدريب التربوي ومركز تقنيات التعليم ومركز رعاية الموهوبين، حيث أعرب أعضاء الوفد في ختام الجولة عن سرورهم البالغ بما شاهدوه من نقلة نوعية في مدارس المحافظة وتجهيزاتها التقنية المفعلة بصورة إيجابية من قبل المعلمين، ثم أعقبه خطاب شكر من معالي النائب يشيد بتلك التجربة، وتقرير عن مرئيات الوفد ومشاهداته.
ثم ما تلاها من زيارة سعادة وكيل الوزارة للتطوير التربوي الدكتور نايف بن هشال الرومي، وقد أبدى إعجابه بالمستوى الذي وصلت إليه المحافظة من التوظيف التقني في الغرفة الصفية.
وفي كل بيئات مدارس المحافظة بلا استثناء نرى أن توظيف المنتج التقني يقدم عبر منظومة متكاملة متكونة من: سبورة تفاعلية (smnrt board)، وجهاز حاسب آلي، وجهاز عرض (data show)، وذلك - من الوجهة النظرية - مطلب يلح عليه التعليم الفعال الذي يتحقق من خلاله مبدأ التعلم الهادف، ويتمكن المتعلم فيه من تحسين تعلمه بإثارة انتباهه، وتُنمي عن طريقه المهارات الذاتية التي تصقل في بيئة تعاونية يتم فيها التفاعل بين الطالب وزملائه من جهة، وبين الطالب ومعلمه من جهة أخرى، وهذا ما نراه (واقعاً مشاهداً) في كل قاعة من قاعات التعليم في مدارس المحافظة. وقد تحقق ذلك من خلال توظيف مفهوم الشراكة مع المجتمع.
ولعل أقرب المدارس النائية إلى عهد تدشين سعادة محافظ الزلفي وسعادة مدير التربية والتعليم مبنى مدرسة (عبد الرحمن بن عوف) في هجرة (أم الشيح) التي تبعد عن محافظة الزلفي ما يقرب من (80) كيلا. تلك الهجرة الغائرة في وسط نفود الثويرات التي زودت بأحدث التقنيات من سبورات تفاعلية وأجهزة للحاسب الآلي وأجهزة عرض وذلك في كل فصل من فصول هذه المدرسة النائية، وقد جهزت جميع المدارس على هذا النمط من التقنية كي تستخدم طرائق التعليم في مزيج من استراتيجيات حديثة تمكن الطالب من الحصول على المحتوى المناسب وبالشكل والوقت الملائم للطلاب.
ويضم هذا التعلم المزيج من وسائط تقديم متعددة، ومصممة ليكمل بعضها بعضا. ونعزز تعلم السلوك وتطبيقه.
عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية
عضو الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية (جستن)