جاء معرض (عين القطر) الذي أقامته مجموعة من فنانات محافظة جدة قبل فترة؛ ليحمل العديد من المعطيات الإيجابية وهو جاء كما يقول أستاذنا محمد المنيف ليعلن قدوم مرحلة التنويع في الطرح الإبداعي التشكيلي، وهو بلا شك معرض (نوعي) وقد قدم فعلاً العديد من الشواهد والدلالات التي تؤكد نوعيته وتفرده، فهو أولاً جاء ليؤكد حرص أمانة جدة وتواصلها مع الفن التشكيلي كرافد ثقافي وجمالي مهم، وهي أي الأمانة تؤكد أيضاً ما كنا ندعو إليه في أطروحات سابقة في هذه المساحة، وهي أهمية أن تقوم الأمانات وبلديات المدن بفتح وإيجاد قنوات اتصال مع الفنانين التشكيليين خاصة إذا تعلق الأمر بالجمال وإنشاء المجسمات والزوايا الجمالية وهو ما حدث، حيث إن الأمانة ومن خلال هذا التوجه (الواعي) أعطت الخبز خبازه ولم تترك الأمر كغيرها من الأمانات والبلديات مقتصراً على المهندسين والرسامين المعماريين فقط مع كل احترامي وتقديري للجهود التي تبذل هنا وهناك إلا أن توحيد الجهد وتنويع الأفكار هما مطلب ومن هنا سعت أمانة جدة وهي أحد أنشط الأمانات في جانب الجمال أقول سعت إلى إشراك التشكيليين في مشروعاتها الجمالية ثم إن هذا المعرض الذي كما يقول الدكتور أشرف التركي أنه يهدف إلى فتح الحوار الذهني والفكري ما بين الفنان والإنسان العادي لتعزيز القدرات المعرفية والمهارات البصرية وأضيف لما قاله الدكتور أشرف بأن المتلقي العادي هو الآخر إنسان ولديه ذائقة بصرية ولديه أيضاً القدرة على التعايش مع الجمال في محيطه متى ما نشطت هذه المملكة لديه.. أعود للمعرض الذي جاء مغايراً للمعارض من خلال اعتماده على خامة واحدة أو وسيط واحد وهو النحاس، ثم إن هذا المعرض الذي كما قيل أنه أتى كمشروع ومقرر دراسي لطالبات الماجستير بجامعة أم القرى قام بتصحيح مفهوم سائداً، وهو أن النحت والتعامل مع الخامات والوسائط المتعددة في مجال النحت والتراكيب مقتصر على الرجل فقط أضف إلى ذلك والمهم أيضاً هو كون المعرض مرحلة جديدة من مراحل التنويع التي نبحث عنها نحن كمتلقين وباحثين عن الجمال وعن مصادره لأن (فن اللوحة) هو السائد وهو المهيمن بكل قوة سواء في جدة أو غيرها وفكرة المعرض وطريقة عرضه خارج دهاليز الجامعة أمر في غاية الأهمية ثم أن استيحاء اسم المعرض من خلال اللفظ القرآني لمادة النحاس (عين القطر)، يؤكد حرص الفنان وسعيه إلى التجديد والخروج عن المألوف..