نهار مرزوق فنان شاب يعد من رموز الساحة المعاصرة يمتلك الموهبة والعطاء. عاش في محيط غني الإبداعات وملتقى لمختلف الفنانين على المستوى العربي والعالمي إضافة إلى حرصه على الاطلاع والسفر واكتشاف الجديد، نهار مرزوق شاب يحمل خبرات السابقين وطموح الجيل الجديد، رؤية ورأي في الساحة ولإبداعه معنى ومغزى، لا يبدع عبثا أو يتلمس طريقه في ظلمة الجهل بقدر ما يمتلك ثقافة تشكيلية مرتكزة على درجة علمية، نهار مرزوق هو ضيف نهارنا اليوم دعونا نبحر معه ومع ما سيقوله في هذه الطلة التي نسعد ان نستضيف فيها كل أسبوع رمزا من رموز الفن التشكيلي من جيل الشباب ومن أصحاب الخبرات والتجارب.
* سألناه كيف يجد نفسه في هذا المحيط الإبداعي في مدينة جدة؟
- قال الحمد لله إن كل يوم أطلع فيه على روائع أساتذتي الفنانين من كل البلدان هو ما يجعلني أحرص على تقديم أطروحات تناسب بيئتي وتوافق تطلعاتي التي لم أصل بعد فيها لما أحلم به.
إن قلوب الناس في كل مكان تتطلع لما عند الفنان من أطروحات جادة تخدم مجتمعه يقفوا معها جميعا ليحققوا ما يطمحون إليه من آمال. فالفنان ليس له غاية أو مقصد سوى تأمين مصالح مجتمعه والدفاع عنها والسعي لما فيه الصالح مستهدفين في أعمالنا ما يترتب علينا من واجب تجاه هذا البلد المعطاء.
* وعن رأيه بما تمر بالساحة المحلية من موجة التأثر بالحركة التشكيلية العالمية؟
- ورق التين تمنيت أن تكون عندي لأخفي بها بعض أصدقائي الذين أرادوا أن يقدموا خطوة نحو العالمية فوثبوا وثبة كشفت ما أردت ستره بورقة التين ويضيف قائلا: إن الاستراتيجية القوية للفنان هي أن تقدم أطروحتك بشكل معاصر ويكون مصدر إلهامك هو بيئتك لتكون أطروحتك ملائمةً لبيئتك وليست مثل الكولاج تثبتها بالصمغ،
ليس المهم حجم القوة التي في العمل بل حقيقة وجود أثرها لدى الشريحة المتلقية لتلك الأطروحة الفنية.
سيداتي وسادتي تعلمون ان الاعتراف ببعضنا والاستفادة من خبرات بعضنا البعض وخاصة من درس على يد أساتذة للفن في كثير من البلدان هو ما تحتاجه الساحة المحلية. أحكي لكم قصة (سئل أدونيس يوماً من هو خليفتك كشاعر، فأجاب: عباس بيضون. وسئل سعيد عقل السؤال نفسه فأجاب: طانيوس روحانا. وكان محمد مهدي الجواهري قد ذكر مراراً أن خليفته هو بدر شاكر السياب.. لو عاش! ومن هذه الأجوبة نستنتج ببساطة أن الشعراء لا يرون لهم خليفة حقيقي بعدهم. فبعدهم الطوفان أو الخراب. فهل نحن الفنانون وليس غيرنا، هل الفن مقصور على ما قدمت أنا من أطروحة وغيري لا. قد تمر مائة سنة ونذكر كل الفنانين ولا نذكر أولئك، تعرفون لماذا لأنه ليس لهم أثر في مجتمعهم فقد نسيهم.
* وحول الاهتمام باللون والاعتماد عليه في إبراز اللوحة على حساب الفكرة أحيانا أجاب الفنان نهار مرزوق؟
- تعرفت على اللون فسحرني وخصوصاً طرحه بشكل يغرد معه الإحساس وأعتقد أنه يظهر تأثري في كل الألوان وهو تأثر يساهم في تشكيل رؤيتي الفنية وتشكيل أدواتي الجمالية. أعجبت جداً بالكتلة والظل والنور، استمتع وأنا أسمع حوار شخصياتي مع ما حولها فهي شديدة الجاذبية لأنها كانت تتضمن نوعاً من العمق أحسه له صلة وثيقة بالتراث الإنساني والمعرفة المتنوعة تبحر في تجربة لونية ذات أبعاد عميقة، أعتبرها تجربة لونية شكلية فيها نوع من الخيال وتنشيط المخيلة الفنية لدى الفنان ولدى المتلقي.
* في مختلف مناطقنا خلافات لا طائل منها حاول البعض القضاء عليها بتأسيس مجموعات لكنها أضافت الزيت على النار كيف ترى حلولاً لهذا الواقع؟
- هذا سؤال صعب، لكن الإجابة عنه تكون من خلال إحساسي الشخصي أن (الآباء) هم دائماً في الحياة، كما في الفن يعيشون حالة فراغ ما أو شعور ما، وبالتالي فهم أشد حاجة للاعتراف بحضورهم واستمرارهم في هذه المجموعات الفنية من (الأبناء)، أي أن الإجابة هنا هي ضد السؤال، بمعنى أن آباءنا الرواد هم في حاجة إلى تكريس حضورهم فنياً والاعتراف بهم أكثر مما نحن بحاجة إلى اعترافهم بنا. وانني ألاحظ اليوم في جيلنا الفني عبر اختياراته جيلاً من الرواد هو الذي يجعل من هذا النفر أو الجماعة الحضور في صفحة الحضور الإبداعي سواء من حيث الدراسات أو الإنحيازات أو المعارك الفنية.. وكل جماعة فنية سواء كان أعضائها من الرواد أو مفتوحة ومتجددة الدماء من الأجيال اللاحقة، له مزاجه، وله اختياره وأرجحيته وهذه المسألة لا تخضع في الحقيقة لموازين موضوعية أو نقدية ذات قناع عقلاني، بل تخضع لجملة مكونات تتداخل فيها القيمة الفنية بالعرقة الشخصية أو المزاج الشخصي.
* يقال إن الفنان يشكل مؤسسة كاملة بمعنى انه يمكن أن يعتمد على نفسه ويتحرك وهذا أمر له في الساحة شواهد حقق فيها بعض التشكيليين حضورا عالميا، كيف يمكن للفنان أن يتحرك من هذا المنطلق؟
* تجاوب الفنان مع لوحته هي بمقدار تجاوبه مع الحياة. إن الامتداد اللانهائي للأرض وللنفس معاً تمثل في نظري انسيابا لكل منهما على الآخر. وهما إذ يتشكلان على مساحة اللوحة فذلك يعني أن الإيحاء بالماضي قد انتهى إلى هذا اللون الصحراوي المقيم أبداً في الذاكرة. إنها اللعبة السحرية التي قام بها الرواد لدينا الذين ينظرون دوماً للأمام هي تطويرهم لأدواتهم وتطويرهم لمهاراتهم في الشكل واللون ثم تواصلهم إعلامياً وتغطية أطروحاتهم الفنية وبعد ذلك متابعة كل جديد في عالم التشكيل العالمي بالسفر للبيناليات والترينليات الدولية وتواصله مع الفنانين وتبادل الخبرات وتسويق برامجه التشكيلية بأسلوب يحقق له الاستمرارية والنمو على الصعيد الأفقي والرأسي لتجربته الفنية، فنحن ليس بيننا رجال الأعمال للأسف - الذين يتبنون تلك القامات الفنية ويستثمرون في هذه المجالات التي نجد التجار من كل بلد يجوبون العالم لمتابعة أصحاب الإبداع في كل مكان ووضع أيديهم في أيدي بعض للنهوض بأمة تفخر بمقدراتها وطاقاتها البشرية.
(للتواصل مع الفنان) www.naharm.com
e-mail: naharmarzooq@hotmail.com