فقد خلق الله تعالى الذكر والأنثى من نفس واحدة، وآل إليهما مناط التكليف بالخلافة في الأرض، وكفل الإسلام المرأة برعايتها وصيانتها، وتوفير الكرامة الإنسانية لها.
ومع موفور الرعاية الإسلامية للمرأة، جعلها مكلفة وفق طاقتها البشرية، وكذلك هي محاسبة على كل صغيرة وكبيرة إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
ولقد لُوحظ إفراد مساحات واسعة من الخطاب الثقافي للمرأة، وهناك اهتمام إعلامي ملحوظ بقضية المرأة وتنمية مهاراتها ومشاركتها الفعلية في المجالات الحيوية لتنمية البلاد، وهذه خطوة تتضمن رعاية مصالح متعددة في إعداد ثقافة المرأة المعاصرة، وتثقيفها الثقافة الصحيحة، ودرء أي مفسدة خبيثة تعترض طريق العناية بحقوقها وواجباتها، والحد من استغلال طاقات المرأة الجسدية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية.
من أجل هذا كان النقاش المنهجي عن معالجة وضع المرأة السعودية في هذه المرحلة العالمية مطلباً حيوياً هاماً، التي امتدت بها أعداد النساء في بلادنا إلى الملايين بين عاملة وغير عاملة، وخريجة ودارسة، وتاجرة ومستثمرة.
وكان للحديث عن مشاركة المرأة السعودية في الوزارات والمهام الرسمية والاستثمارات التنموية أصداء طيبة لدى المرأة خصوصاً والمجتمع عموماً، وذلك لرفع الحرج عن المرأة في تلبية مطالبها وإنجاز قضاياها على الوجه الأكمل بالمحافظة على ثوابت الإسلام، ورعاية المتغيرات الزمانية والمكانية.
وقد فوجئ المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة ببعض الأحداث التي تشكل الصورة السيئة للمرأة السعودية، كصورة بائسة ذليلة عاجزة معرضة للابتزاز والألاعيب الشيطانية والعنف الأسري والأغلال الاجتماعية، مما أدى إلى تعطيل مهارات المرأة الفكرية والذهنية وقواها لمعالجة هذه الجراح الأليمة، وتصحيح هذه الأعمال الباطلة بالرد عليهم بالصورة الرفيعة من تكريم المرأة ورعاية الإسلام لشؤونها أُماً كريمة، وزوجة مصونة، وبنتاً حنونة، فاتخذ الخطاب شكل الدفاع المشروع عن جنس المرأة كمخلوق بشري، وثبات حقوقها الشرعية كإنسان مؤهل للتكاليف، وهذا كله - مع أصالته وروعته - لم يتخذ شكل الرؤية الواضحة للمرحلة الحرجة التي يمر بها المجتمع السعودي عامة والمرأة السعودية بخاصة، فغالب الكتابات واللقاءات تدندن حول أهمية إعطاء المرأة حقوقها دون أن تمتلك الخطة الإستراتيجية لمواجهة هذه المتغيرات الخطيرة من الدورة الاجتماعية لقضية المرأة، ولا روحاً عملية قادرة على تحويل هذه الرؤى والخطط إلى خطوات تنفيذية تدرجية من المهم إلى الأهم، إذن! ماذا بعد كل هذه الجهود؟
- لا بد - من المراجعة التصحيحية لنوعية الخطاب الثقافي الموجه للمرأة وأوليائها، وصناعة المرأة صناعة جادة لتكون قادرة على التميُّز والفعالية في مجتمعها التنموي الحضاري الكبير.
الأحساء
drhuda87@hotmail.com