ثلل من القادمين والمغادرين...
ويكتظ المطار..
الرحلات لا تقلع في وقتها ولا تصل في موعدها..
ربكة والناس ذوو أغراض وغايات..
العروس القادمة بنقابها وكامل سترها من ماليزيا عيناها تتبعان زوجها الشاب حيث يتحرك.. كأنها تخاف هذا الهدير والأمواج من البشر.. تجلس في قصي من المكان ما تلبث أن تسأل أي عابر: متى تتحرك الطائرة فلا تجد غير حركة حائرة بالجهل..
وأطفال يتصايحون.. يركض بعضهم يقلق صمت المتأملين.. ويرشف صغيرهم الحليب فيما يعبث أبوهم بأزرة الحاسوب في زاوية تزيد خدمة الدرجة رفاها.. ونساء ورجال يتابعون عن الشمال الأخبار وعن الجنوب رياضة تقوية العضلات دون بروز في فضائية سافرة.., وكثير يتحركون بين ركن المأكولات والمشروبات ومقاعدهم.. بينما يتحلق جماعة عمل من خبراء أوروبا حول أكواب قهوتهم وأوراقهم وجهاز حاسوب صغير يبدو يبث لهم لوناً من السطور تثير ضحكاتهم... وتمر الساعة تلو الأخرى وطائرتان لم تأتيا بعد وبالتالي عليهم انتظارهما.. بينما هناك من يغادر وهناك من يحل.. وأنا في صمتي أقرأ هذه اللوحة المتحركة.. ثمة ما لا يعلمه أحد عن أحد: من هناك كان في زيارة خاطفة لعزاء؟ أو مشاركة فرحة في زواج؟, أو في أداء واجب عمل أو صلة قربى؟ من يحمل همه الذي حملته إياه رحلة يوم أو آخر؟ ومن يخفق بنشوة لقاء حقق له مكسباً أو زاده أملاً؟ ومن عابر من محطة سياحة لمقر استقرار والعكس؟ من سعيد ومن حزين؟ من فاقد ومن كاسب؟ من جاء برفقة ويذهب دونها؟.. ولماذا تتأخر الطائرات عن مواعيد إقلاعها أو هبوطها..؟ ..لم يكسر خيوط شمس أفكاري ويقتحم تأملي سواها؟ بين يديها جوازا سفرهما
تعبر بالمحطة تحمل بهجة أيام أولى لها في رفقة ذلك الذي تبحث عنه عيناها في زحمة المتحركين.. تسألني إن كنت أتجه للمحطة ذاتها تلك التي غادرتها بثوبها الأبيض لتعود به في حقيبتها لتفرشه بساطاً لأيام دعوت لها أن تكتظ بالأفراح..