في إحدى جلساته المنعقدة خلال الأسابيع القليلة الماضية أوصى مجلس الشورى بزيادة مقدار القرض العقاري الذي تقدمه الدولة للمواطنين ليكون خمسمائة ألف ريال (500.000) ريال بدلاً من ثلاثمائة ألف ريال (300.000)، وقد قصد مجلس الشورى من تلك التوصية مساعدة المواطنين في الحصول على السكن المناسب لهم، وإذا ما أخذنا في الاعتبار العديد من المعطيات الاقتصادية سواء من حيث ارتفاع أسعار العقار (حيث لا يقل سعر الأرض المناسبة للسكن اليوم عن نصف مليون ريال)، أو من حيث ارتفاع أسعار مواد البناء في الوقت الحاضر (حيث لا يقل المبلغ اللازم للبناء عن نصف مليون ريال أيضاً)، إضافة لذلك، فإن غالبية سكان المملكة (60% تقريباً) تتراوح أعمارهم بين (16-25 سنة)، كذلك من الأهمية التأكيد على أن شريحة كبيرة من هؤلاء الشباب لا يحتاجون إلى فلل سكنية، بل يكفيهم السكن في شقة واسعة، أو دور واحد في ظل تلك المعطيات، فإن السؤال المطروح هو، هل ستحقق توصية مجس الشورى الهدف منها؟ وهل ستسهم تلك التوصية بحل مشكلة الشباب في الحصول على سكن مناسب، إذا ما أخذنا في الاعتبار استحالة كفاية المبلغ لشراء الأرض وبناء المسكن من جهة ناهيك عن طول المدة الزمنية والتي قد تصل إلى20 سنة حيث يتوجب على المواطن انتظارها حتى يأتي دوره في استحقاق مبلغ القرض.
في ظني أنه وبدلاً من قيام الدولة بزيادة القروض المقدمة من صندوق التنمية العقاري للمواطنين من (300000) إلى (500000)، لذا فإنني اقترح أن تقوم الدولة من خلال هيئة الإسكان ببناء الآلاف من الوحدات السكنية المناسبة (شقق وفلل صغيرة)، فكلما كبر المشروع قل مبلغ التكلفة المطلوبة لبناء الوحدة السكنية. بحيث تقوم الدولة بتقديم تلك الوحدات السكنية للمواطنين بدلاً من مبلغ القرض العقاري، وذلك مقابل أقساط إيجار سنوية مريحة تمتد إلى (25) أو (30) سنة وبحيث تؤول ملكية الوحدة السكنية للمواطن في نهاية المدة وذلك بعد السداد لكامل الأقساط المستحقة عليه.
إن قيام الدولة ببناء الوحدات السكنية وتقديمها للمواطنين من خلال تلك الآلية سيسهم في توفير السكن المناسب للمواطنين فوراً دون انتظار لعقود زمنية طويلة على غرار القروض المقدمة من صندوق التنمية العقاري، وفي حال رغبة أي من المواطنين القرض العقاري بدلاً من الوحدة السكنية فيتاح له ذلك.
وقد يرى البعض أن عدم توفر أراضي كافية لدى الدولة داخل الأحياء السكنية قد يمثل عائقا جوهريا لتنفيذ هذا المقترح، واقترح في هذا الخصوص أن تقوم الدولة بشراء أراضي صغيرة مناسبة ممكن يملكها داخل الأحياء السكنية المكتملة الخدمات بحيث ينشئ عليها عمائر سكنية تتسع لعشرات الشقق المناسبة لسكن المواطنين.
ومن الأهمية التأكيد أيضاً على أنه إذا كانت تجربة الإسكان السابقة قد شابها ما شابها من سلبيات، فيمكن تلافي ذلك في هذا المقترح بعد دراسته من كافة جوانبه من قبل هيئة الإسكان.
باختصار، إن تبني هذا المقترح سيسهم في حصول المواطن على السكن المناسب بالسعر المناسب في الوقت المناسب، ولذا أرجو من كل من مجلس الشورى وكذلك هيئة الإسكان بأن تقوم بدراسته من كافة الجوانب.
Dralsaleh@yahoo.com