التقرير الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست، والذي أصدرته جامعة ترينتي الأمريكية حول تضاعف أعداد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية عما كان عليه في عام 1990م، ووصول أعدادهم إلى أكثر من 7 ملايين نسمة، يفتح الملف مجدداً على واقع الجاليات العربية والإسلامية في بلاد الهجرة. فالتقرير يُرجع هذه الزيادة المضاعفة كما وصفها إلى تحوُّل الكثيرين عن أديانهم واعتناقهم الإسلام، وكذلك إلى عاملي الهجرة واتجاه المسلمين إلى تكوين عوائل كبيرة. صدور هذا التقرير في بلد كالولايات المتحدة الأمريكية حيث تطور الهوية يرتبط كما قال صاموئيل هنتنغتون بثقافة اللغة والميثاق، يطرح السؤال حول مستقبل هذه الجالية العربية والإسلامية التي آمنت بالحلم الأمريكي وانضوت تحت لوائه لتساهم في تحقيقه كما يساهم أبناء الجاليات الأخرى؛ فالأمريكيون ومن خلال التطور في مواجهة الهوية استطاعوا أن يدمجوا أبناء المهاجرين، بل وتزدان صدور الكتب في مكتباتهم بعناوين حول الإيرلندي الأبيض والسلافي الأبيض واليهودي الأبيض.. فهل سنشهد ضمن منظومة التطور هذه يوماً عربياً أبيض؟! هذا ما نتمناه، غير أن مكمن الخطورة حول هذه التقارير أنها جزء من خطة مدروسة يجاريها وبخط متواز سيل من التحذير الثقافي حول تمدد الأخطبوط الإسلامي وتوسعه والسيطرة على مراكز القرار في الحياة الغربية. ولذا فإن الجاليات العربية والإسلامية، ومن خلال مراكز تمثيلها في منظمات المجتمع المدني، مطالبة بالانفتاح على المجتمع الأمريكي خصوصاً والمجتمعات الغربية عموماً، ليس فقط للدفاع عن مصالح الجالية، بل للمساهمة في برامج ونشاطات وفعاليات خدمات المجتمع بجميع أعراقه وأديانه؛ حيث إن هذا الانفتاح سيكون بمثابة الرد الشافي على المنظمات التي ترغب في تأطير علاقة العرب والمسلمين مع بلدان المهجر في إطار المتربص بالثقافة وليس الشريك في بنائها؟
***