في بيت لحم وفي هذا الشهر اجتمعت اللجنة المركزية لمنظمة فتح بعد انقطاع دام عشرين سنة لم يتم خلاله أي اجتماع للجنة المركزية ولا حتى لبعض من أعضائها، وأعلن بعد أيام من انعقاد اللجنة التي كانت محدودة في مدتها قياساً للمواضيع التي يُفترض أن تتم مناقشتها،..
وعن نتائج هذا اللقاء يمكن الاستنتاج، فالحقيقة بالكامل محجوبة وذلك وفق التالي:
أولاً: تم انتخاب فخامة الرئيس (أبو مازن) رئيساً للجنة المركزية ورئيساً للسلطة الفلسطينية التي تناضل في سبيل أن يتحقق لهم سلطة سياسية على ما تبقى من فلسطين. وعلى أرضية من الاختلاف والخلاف الظاهر والسيئة آثاره، فلقد تم وتم ولم يتم انتخاب الأستاذ المناضل الأخ (أحمد قريع) في حين انتخب الأخ (محمد دحلان) عضواً في تشكيل اللجنة الجديد.
وكانت ولا تزال منظمة حماس بعيدة عن المشاركة في أعمال اللجنة، وقد منعت أعضاء من فتح يقيمون في غزة من الاشتراك، وسمح لهم بالاشتراك في التصويت عن طريق الهاتف، فالمناخ السائد منذ مدة مناخ خلاف واختلاف بين حماس وفتح ليسجل من العار أمرّه.
إنّ انعقاد المؤتمر يسجل له تاريخياً إثبات واحد أنه انعقد لكن بلا نتائج تحسب له وإن تميّز بانتخاب (مروان البرغوثي) الذي ما زال في أسره مع بعض المناضلين من إخوانه، وقد ربح (رجوب ودحلان) حق العضوية وخسر المقعد (أحمد قريع).
وأظن أن الذاكرة ما زالت تتذكر ما حدث من خلاف بين رجوب ودحلان إبان الانتفاضة الأخيرة.
وأن نتقبل مثل هذه القرارات أو أن نرفضها أمراً لا نوده بل فرض نفسه علينا، وشاهد ذلك الصحيح وعكسه من واقع النتائج، أما ما يربطنا بمثل هذا فهو الانتماء وتداخل المصالح بين أمة العرب، لكن اللجنة كان لها مفاجأة الانعقاد في بيت لحم خلال هذا الشهر (أغسطس 2009م) بحصيلة من خيبة الأمل والإحباط اللذين هما نتاج لما صدر عن اللجنة المركزية من قرارات التي يتم انعقادها متأخراً عشرين سنة، ويفترض أن تناقش أموراً أساسية ذات أهمية قصوى في تطلعاتها أمام المستقبل ومعالجة عوائق الماضي بشفافية وإخلاص.
ومن جهة أخرى ولكنها مهمة فعدم انتخاب الأخ أحمد قريع إشارة إلى رفض حصيلة (أوسلو) وما تورطت فيه، كما أنه يؤكد فشل أسلوب قراراته، تلك القرارات التي فرضت على الأمة فأطال معاناتها دون أن يرسم طريقاً لحل القضية جازماً أن مستقبل القضية له من السلبيات أو الإيجابيات انعكاس على الأمة، فإننا شركاء في الضرر من غطرسة الاغتصاب والظلم، وما كان وما زال من مواقف متحيزة يبديها الآخرون.
إنّ طبيعة وتفاصيل المرحلة ومقدار الضرر الذي مع كل يوم يتأكد بالاستيطان والتمهيد لقيام دولة يهودية، والتهجير الذي أصبح قراره جاهزاً وتنفيذه سيلحق في القريب المناسب. إنّ هذه المرحلة لا تتحمل ولا تستطيع أن تتحمل أعباء التصدي والقيادات تعمل بالسياسة النائمة المتكرر نمطها من مفاوضات بلا اتفاق يأتي بنتائج أو مخرج حيث إن العدو ومَن وراءه مصرٌ على أن يرى أمة العرب في حالة من الخنوع بظن العدو أنهم يملكون الوسائل لتحقيقه.
إن منطق الأشياء يحتّم أن تحدد الأمة العربية من خلال القادة بحساب منصف ودقيق ما الذي تحقق إيجابياً على طريق نسعى من خلاله نحو النهايات العادلة من خلال ما ندفع به بنية السلام مع من لا يستحقه، وليس مستعداً للتفاعل معه ووضع حدٍ لهذا المنعطف الخطير مطلب للعزة والكرامة وصيانتها من وسائل التحرير، كما أن الكثير من الأموال اللازمة لحركة النمو والتطور في المنطقة العربية قد صرف منها الكثير إلى جانب أعداد ضخمة من القتلى، فهل سيكون هذا ضمن حسابات المراجعة التي يحتّم التعامل معها من حساباته وتقييم أثره وليس تراجع انفاقه ولكن تحري الأهداف.
إنّ أمة العرب تتحلى بالصبر، ولكنه صبر مختل في أسبابه ويمثل منحنى عار على هذه الأمة، إن الشيء على غير طريق محدد ويأتي بالمصادفة أو قد يأتي كرد فعل له نتائج مدمرة أبسطها أن نتيه في الطريق ويتيه منّا، وعلى هامش المؤتمر يرتفع الصوت بالسؤال حول ما حدث ويتيه منّا، وعلى هامش المؤتمر يرتفع الصوت بالسؤال حول ما حدث بين الإخوة (غنيم وقريع) وما أسباب الخلاف وإلى ماذا يشير؟ كما أن دوافع المراجعة تحتم مراجعة القوائم لمن انتخب في مقاعد اللجنة للفترة القادمة، ولمن ساء حظه أو حسن لا أدري!
ومن أهداف المراجعة أن تحدد مسؤولية كل عضو في اللجنة المركزية وفق المقدرة والروابط التي تنشده إلى النضال، على أن تتضمن المراجعة أيضاً من ساء حظه ولم ينتخب ويحظى بشرف النضال والعطاء بإخلاص وإيثار من أجل القضية، ولابد أن له مكاناً غير قصي ليعمل كفلسطيني مسؤوليته الأولى الانخراط في برنامج المقاومة، والحذر ألا يستجيب لأي دعوة أو نداء يتورط بها مع العدو، وشباكه التي تقدم نفسها بإغراء مثير وفي باطنه التعبئة لأهداف فاسدة، ومن الأمور الجديرة بالمتابعة تلك التي تتعلق بمقتل الرئيس (عرفات)، وأن يكون البحث مجرداً من دوافع الانتقام ولكن بالحق يأتي الحق والواجب يحتّم إبراز الحقيقة وما أحاط بها فأدت إلى قتله، ولابد لكل حركة نضال وتحرير من إعادة الصياغة للمعادلات القائمة، ومن التمنيات أن يدفع بالقضية وما يحيط بها من ظلم واعتداء إلى طريق واعد بالأمل الذي نسير به ومعه نحو هدف نعرفه مع ملاحظة أن الوعي بالظروف وفق المعطيات الدولية وما تؤثر به أو تتأثر به بحيث ألا تكون المقاومة رديفاً للدم والقتل، فمناهج النضال بالسياسة وغيرها تأتي بأفضل النتائج وتحظى بالتأييد المطلوب، فلكل مرحلة من المسيرة ظروف ومعطيات يتأثر معها الإنجاز، ذلك الإنجاز الذي يحافظ على الأمل بعيدا عن المؤثرات التي تحبط وتقود إلى اليأس وألا يكون المنهاج من المعطيات التي تبرر بأي شيء كل شيء والله الموفق.