قبل حلول شهر رمضان المبارك أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية أنها ستعمل على تنفيذ قرارها الذي مضى عليه سنوات؛ بقصر الصلاة على المساجد، وأن يرتفع صوت الأذان خارج المسجد فقط، وهو قرار استحسنه الكثير لأن أداء الصلاة والقراءة الجهرية العالية من خلال مكبّرات الصوت فيه قول، خاصة مع كثرة المساجد وتقاربها، فمثلاً نلحظ أنه في الحي الواحد ترى المساجد متقاربة لدرجة أن يكون الفاصل بينها لا يتجاوز أمتاراً قليلة في بعض الأحيان.
وأنا هنا لا أعترض على كثرة المساجد، فهذه نعمة ومنَّة من الله سبحانه وتعالى الذي أعزّنا بالإسلام، لكنني أتساءل عن قرار وزارة الشؤون الإسلامية الذي أعلنت عنه مراراً ولم نجد له أثراً فاعلاً من خلال تطبيقه، فهل الوزارة تكتفي بإصدار القرارات دون متابعة ومعرفة عن مدى جدية تنفيذها أو مساءلة من لا يعمل بها؟
الملاحظ أن الكثير من أئمة المساجد لم يلتزموا بهذا القرار، بل إن ما نلمسه مع دخول شهر رمضان أن هناك تسابقاً في رفع مكبرات الصوت ليعلو صوت إمام على صوت إمام في مسجد آخر، وكأنما الأئمة في سباق لمن تكون له الغلبة في أن يعم صوته الحي بأكمله.
يجب أن نعرف أن مثل هذا القرار اتخذ لأمور تتعلّق بالخشوع وعدم تشتت الذهن، لأنه في بعض الأحيان تتداخل الأصوات، كما أن هناك من يصلي في بيته من النساء ومن كبار السن ويحتاجون إلى الخشوع، فالصوت المرتفع يؤثِّر على خشوعهم، إضافة إلى المرضى وصغار السن الذين يتأذون من الصوت المرتفع.
ولا شك أن ما يفعله الأئمة هو اجتهاد ورغبة في عمل الخير، وصبغ أجواء رمضان بروحانية أكثر، ولكن بما أن هناك قراراً، فالوزارة أدرى بالمصلحة العامة في هذا المجال، ومن المؤكّد أنها لم تصدر قرارها إلا بعد دراسة واستطلاع وتفكير مغلِّبة بذلك المصلحة العامة وسعياً لما هو أجدى وأفضل للراكعين الخاشعين.