أظهر التقرير الأسبوعي الصادر من وزارة التعليم العالي والذي نشرته الصحف يوم السبت الماضي أنه حتى الآن تم قبول أكثر من 200 ألف طالب وطالبة تمثل 80% من مجموع المقاعد المتاحة التي أعلنت عنها الجامعات للعام الدراسي 1430-1431هـ، والمقرر أن تستوعب أكثر من 90% من خريجي الثانوية العامة لهذا العام كما أعلن وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري.
وهو خبر مبارك في أول أيام رمضان من ناحية سرعة استجابة وزارة التعليم العالي وفي فترة وجيزة لتوجيهات حكومة خادم الحرمين الشريفين لتأهيل الموارد البشرية الوطنية بما يتناسب والاتجاهات الاقتصادية الحديثة التي تتطلب موارد بشرية منافسة ترفع بالمحصلة من تنافسية البيئة الاقتصادية السعودية بما يجعلها جاذبة لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية للاستثمار في المشاريع التنموية في كافة القطاعات.
وأستطيع القول إن وزارة التعليم العالي ضربت مثلاً رائعاً في سرعة الإنجاز المدروس الذي يمكن أن تتخذه بقية الأجهزة الحكومية نموذجاً يحتذى لتحقيق إنجازات سريعة مع عدم الإخلال بالجودة.. ذلك أن الوزارة استطاعت تحويل رؤية حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- إلى واقع ملموس في سنوات قليلة، ملبية بذلك نداء خادم الحرمين الشريفين الذي أطلقه لدى إعلانه الميزانية العامة للدولة لعام 2006م، مخاطباً الوزراء بقوله (المهم السرعة لأنه لا يوجد عذر، الآن -ولله الحمد- الخيرات كثيرة ولم يبق إلا التنفيذ).
وإذا عرفنا أن هذا التوسع في القبول في التعليم العالي مقرون ببرامج موازية تهدف إلى رفع جودة العملية التعليمية وتطوير قدرات جامعاتنا في مجالات البحوث العلمية.. هذا إضافة إلى الجهود التي تهدف إلى تنويع مصادر دخل جامعاتنا بما يعزز موازناتها التشغيلية والمرتبطة بموازنات الحكومة ويحميها من التأثر بتذبذب أسعار النفط.
هذا النموذج الرائع في سرعة وجودة الاستجابة يقابله في أجهزة حكومية أخرى بطء شديد، وكأن الإمكانيات التي وُضعت تحت تصرف وزارة التعليم العالي تختلف عن تلك التي وُضعت تحت تصرف هذه الأجهزة، فالقطاع الإسكاني ما زال متخلفاً، وكلنا يعرف قصة التسعة مليارات ريال التي خُصصت لإسكان ذوي الدخل المحدود وبقيت على حالها حتى اليوم، والتسع مليارات الأخرى التي رُصدت للتعليم العام ولم يكن حالها بأفضل حال من مبالغ الإسكان.. وكلنا يعرف معاناة أفراد المجتمع من ندرة الأسِرة في المستشفيات، وننتظر اليوم الذي توفر فيه وزارة الصحة سريراً لكل مريض كما وفرت وزارة التعليم العالي كرسي تعليم جامعي لكل طالب.
أمثلة الإخفاق أو التأخير كثيرة والأعذار التي يطلقها من عجزوا عن الإنجاز بالسرعة المنشودة أكثر. والسؤال الكبير الذي يبحث عن إجابة: لماذا نجحت وزارة التعليم العالي في هذا الإنجاز السريع والمتميز في الظروف نفسها التي يدعي الآخرون أنها السبب في تقصيرهم أو تأخرهم؟ أعتقد أننا بحاجة لعقد ملتقى تطرح من خلاله الوزارة نموذجها في التخطيط والتنظيم والعمل والإنجاز، لعل الأجهزة الأخرى تستفيد منه لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين وحلم أفراد المجتمع السعودي بتنفيذ ما جاء في خطط التنمية بأسرع وقت ممكن.