هناك رجل (مبروك) نقدمه في مجالسنا، وهناك وجبة (مبروكة) نحرص على وجودها على سفرة الطعام أبرزها (التمر) في هذا الشهر الفضيل، لكنني تفاجأت عندما سمعت من يقول لصديقه (اشتره! تراه سهم مبروك!)
وقد اشتراه ذلك الصديق عدة مرات، وظل يشتري كلما شعر بتوعك السهم ونزوله يشتري كمية، لكن حالات توعك السهم زادت حتى أصبح صاحبنا عاجزاً عن ملاحقته، وقد أدرك متأخراً أن وصية صديقه في محلها، فالسهم (مبروك) للحد الذي بدى زاهداً في التغلب على واقعه، زاهداً في الوقوف على رجليه، وقد صبر على بركة ذلك السهم كثيراً، حتى تخلص منه بنصف ثمنه، ومن يومها أصبح صديقنا يضحك في سره كلما تطوع صديق لتقديم وصية حول سهم أو أسهم مباركة!
وعلى غرار الأسهم سوف تجد العديد من الرجال (المبروكين) فالواحد من هؤلاء إذا كان موظفاً يستقبلك بحفاوة شديدة عندما تزوره لمصلحة أو عندما تتصل عليه للتعقيب على مصلحة، لكنك في النهاية لا تفوز بغير تلك الحفاوة المجانية، فلا هو أنجز مصلحتك ولا أعطاك عقاراً شافياً نافعاً حول ما قصدته من أجله!
وقد ظللت أراجع واحداً من المبروكين وكان في كل مرة عندما أسأله عن المصلحة التي أنا قادم من أجلها يقول لي مبتسماً: يصير خير!
وقد سمعت هذه العبارة لمدة عام كامل دون يأس، حتى تصرفت معه ومع معاملتي، مثلما تصرف صاحب السهم المبارك، بأن صرفت نظر عن العاملة كلها!
وسوف تجد عينه من هؤلاء (المبروكين) عندما تصاب - والعياذ بالله - من مرض يعجز الطب عنه، فتجد من يقول لك: لماذا لا تزور فلان، ترى يده مبروكة! وصاحب هذه اليد المبروكة ستجده عندما تدخل منزله، باسم الوجه، محمر الوجه صحة ونعمة، وستجد اليائسين الباحثين عن علاج يتزدحمون على بابه وتقبيل رأسه ويده، لكنهم جميعاً مطالبون بأن يدفعوا مبلغاً معلوماً قيمة لكراتين الماء وقوارير الزيت والفازلين والإعجاب، وفي الغالب يعيش هؤلاء الزوار أياما من الأمل حتى يكتشفوا في النهاية أن أحمد مثل عم أحمد، الفرق في كمية الوعود والاقناع!
وهناك العديد من شركات العقار التي تسوق المنازل للشباب، وتأخذ هذه الشركات فائدة لا تقل عن 80% من قيمة العقار خلال عشر سنوات، وهكذا يأخذ الشاب العقار الذي قيمته السوقية لا تزيد على الثمانمائة ألف بمليون ونصف المليون، لكن الشاب سوف يكتشف أن الشركات (المبروكة) التي أخذ توصية بالشراء منها، لا تختلف عن الشركات التي ترفع أمام الباحثين عن منزل الأحلام سوف نشفطكم حتى آخر قطرة، فما أن ينزل الشاب وعروسه إلى المنزل ويبدأ موسم الأمطار، ولا يبدأ، حتى تهل المشاكل على العقار، تسرب المياه، الحمامات، الإنارة، حتى أن العديد من المتورطين كانوا يسألون أنفسهم لماذا لا تكشف هذه المنازل عن وجهها المليء بالبثور إلا بعد الاستقرار فيها!
فاكس 012054137