الحديث عن خطط التنمية في دول العالم الثالث أضحى مثيراً للطرافة والضحك، بحكم أن عدداً من تلك الخطط لا يستند إلى التزام سياسي بقدر ما يمثل مشاريع لدعم سيطرة الفرد أو الحزب الواحد حتى وان تدثرت بعباءة ديمقراطية شفافة لا تستر!، بعض الدول تتجاوز تلك الخطط منظومة التنمية المحلية لخلق نفوذ إقليمي يحمل أجندات توسع دائرة عرقلة التنمية ليس فقط في محيطها المحلي بل والإقليمي. والمتأمل في مسيرة التنمية في منطقة الشرق الأوسط يُدرك أن غياب الاستقرار وزعزعة الأمن كانا دائما العامل الأكبر في الهدر البشري والمالي وزعزعة الثقة المحلية والأجنبية في مقدرات دول المنطقة، الأمر الذي عطل مشاريع التنمية ولوث مناخ الاستثمار فيها بالشكوك والقلق.
وفي اليمن السعيد - العزيز على قلوب العرب جميعاً - تدور رحى معارك تمثل أحد نماذج تلك القلاقل والفتن التي تحولت بوصلة الأشقاء اليمنيين معها عن معركة التنمية الحقيقية إلى المعارك الهامشية مع خارجين عن سيادة الدولة والقانون، والمعضلة التي تحملها مثل هذه الجماعات الخارجة على الدول وسيادتها أنها لا تقتصرعلى كونها مجموعة مقاتلين يحملون فكراً مناهضاً لأبناء وطنهم بقدر استسلامهم وارتهانهم لأجندة مشبوهة تساهم في عزلهم عن محيطهم الوطني والإقليمي، وفي هذا المناخ المضطرب تبرز حنكة الدول الواعية بأهمية وحدة الصف واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها وهو ما تعتمده المملكة العربية السعودية منذ نشأتها في سياسة حصيفة راسخة تجاوزت اختبار إغراءات المصالح الضيقة والتحديات على مر الشواهد والسنين لتؤكد أنها قناعة راسخة تمارس في العلن قولاً وفي العلن فعلاً، دون تورية أو ازدواج، والافتراءات التي أطلقتها مؤخراً قناة تنتهج الخداع والتضليل في رصدها لهذه المعارك الطاحنة التي يقتل فيها الأبرياء ليست سوى بحث في خضم الوهم عن وجود سعودي على أرض المعارك لإسباغ قوة موهومة لعصابة أثبتت قوى الأمن اليمني الجدارة في محاصرتها دون عون من أحد، وتبريراً لمن تورطوا في دعم عصابة المتمردين بدلائل مادية ملموسة!
***
