وليد العبدالهادي
يستمر الجدل للأسبوع الثاني، والمستفيد الوحيد هو الدولار لعدة أسباب: الأول انخفاض شهية المخاطرة في أسواق الأسهم، وبدء عمليات جني الأرباح. والسبب الثاني: تأرجح مخزون النفط في أمريكا؛ حيث لم يعطِ رغبة واضحة للمزيد من الطلب على براميل النفط على المدى المتوسط. والسبب الثالث: وقوف معظم العملات على مقاومات تاريخية صعبة لم تتفتت حتى الآن. والسبب الرابع والأهم هو أن الفيدرالي الأمريكي (عراب البنوك المركزية العالمية) لم يكن واثقاً تمام الثقة من استمرار الانتعاش؛ لذا تجده يتمنى أن يبقي سعر الفائدة عند مستوياته التاريخية، ومتخوفاً في نفس اللحظة من السيطرة على التضخم الحتمي، وذلك بالبدء بالرفع التدريجي لأسعار الفائدة.. كل ذلك ساهم بتدفق السيولة للملاذ الآمن (الدولار الأمريكي) ونزيف معظم العملات أمامه.
من ناحية أخرى يرى الكثير من المستثمرين أن السيد (برنانكي) بطل قومي والمخلص من الأزمة المالية التي ألقي اللوم فيها كثيرا على رئيس الفيدرالي السابق بتهمة إطلاق الاقتصاد حراً ودون كوابح؛ لذا تم تجديد ولاية ثانية له بمباركة السيد (أوباما).
الدولار الأمريكي
يعد العدة لعكس اتجاهه من هابط إلى صاعد على مستوى الحركة اليومية وباختراقه مستوى 79 أمام سلة عملاته ينتهي به المطاف إلى حاجز التسعين؛ وذلك لضعف عزوم الاتجاه الهابط لسيره الآن في قناة سعرية معترضة. أما من حيث الأرقام فقد أعلن عن تراجع في أسعار المنتجين لشهر يوليو إلى 0.9% مقارنة بالارتفاع السابق عند 1.8%، طبعا يعتبر سلبيا ويشير إلى تراجع في النمو. من جهة أخرى حققت مبيعات المنازل القائمة لشهر يوليو ارتفاعا إلى 7.2% مقارنة بالنسبة السابقة عند 3.6%، أما الجديدة منها فسجلت مبيعات بحوالي 433 ألفاً والسابق 384 ألفاً؛ ما يدل على استمرار تحسن القطاع العقاري. كذلك جاءت طلبات البضائع المعمرة لشهر يوليو مرتفعة بنسبة 4.9% مقارنة بالنسبة السابقة والمنخفضة 2.5%؛ ما يدعم تسويق السلع الاستهلاكية التي تتسم بدورة استهلاك قصيرة، ومع تأرجح هذه الأرقام بين السلبية والإيجابية إلا أن ثقة المستهلك رجحت كفة الإيجابية؛ حيث ارتفعت لشهر أغسطس إلى 54.1 مقارنة بالرقم السابق عند 46.6. أما نصيب أسواق النفط من البيانات فقد أظهر تقرير وكالة الطاقة الأمريكية أن مخزون النفط ارتفع إلى 343.8 مليون برميل؛ ما أثر سلبا على أسعار خامات النفط خصوصا النايمكس.
ويمكن تلخيص ما سبق بأن الفيدرالي محتار في ترتيب أولوياته بين رفع سعر الفائدة للسيطرة على التضخم أو إبقائها عند نفس المستويات؛ أملا بالمزيد من الانتعاش الاقتصادي! وسبب الحيرة هو أنهم ليسوا متأكدين حول استمرار النمو في هذه الأيام وسياستهم الحالية (سدد وقارب)! ويعلقون آمالاً كبيرة بترشيح بن برنانكي لرئاسة جديدة للفيدرالي الأمريكي.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
محاولات عديدة لتفتيت مستوى 1.43 لكن اتجاهه لا يزال صاعدا ومتوقعا ثباته فوق حاجز 1.40 الأسبوع القادم. أما بالنسبة للعزوم فيظهر من الشموع المحتشدة بأنها شموع مفصلية، ومن الحصافة رفع مستوى المخاطرة وتفعيل عمليات جني الأرباح والبدء بتنفيذ عمليات الشورت.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
بعد كسر مستوى 1.65 بسرعة البرق أصبح التداول في اتجاه هابط وعالي الخطورة، ويتوقع له السير بشكل جانبي بين 1.59 و 1.65 خلال الأيام القادمة القريبة، والسبب يعود لانتفاضة الدولار وعناده في المحافظة على مكاسبه.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
تحسن الدولار من تحسن اقتصاده ضغط على الين أيضاً مع غياب البيانات الصادرة من اليابان؛ لذلك نجد أنه فنياً جبر على السير قسراً في قناة هابطة، كما هو موضح في الرسم البياني، ومستوى 93 يرجح زيارته، ومن المتوقع كسره، ومستوى 91 هو دعم المشترين الأهم في حركة تداولات الأسبوع القادم.
اليورو
ارتفع مؤشر مديري المشتريات للخدمات في ألمانيا وأوروبا عموما فوق مستوى 50، معلنة دخول مرحلة الانتعاش وقرب توديع حقبة الركود، طبعا ساهم ذلك بإيجابية في تمسك اليورو بالاتجاه الصاعد خصوصا مع الدولار، وجدير بنا الذكر أن الإنفاق الحكومي الألماني للربع الثاني بلغ 0.4% مقارنة بالربع الأول؛ ما دفع بمستويات الإنفاق الشخصي للأعلى.
الجنيه الإسترليني
بعد ثبات أسعار المستهلكين التي استقرت لشهر يوليو عند 1.8% الأسبوع الماضي أعطى إيحاء بأن التضخم سيلزم حدوده الحالية لكن وسط مخاوف التجار من أن يرفع سعر الفائدة مستقبلا ضغط ذلك على العملة الملكية على الرغم من تثبيت سعر الفائدة من قبل بنك إنجلترا، وجاءت أسعار مبيعات التجزئة لشهر يوليو لتؤكد ذلك؛ حيث انخفضت إلى 0.4%؛ ما يدل على أن أسعار السلع والخدمات انخفضت أيضا، وفي ذلك إشارة إلى تراجع طفيف للتضخم، وهذا لم يصب لصالح العملة.
(تم إعداد هذا التقرير بعد إغلاق الأسواق الأمريكية يوم الأربعاء الساعة 10 مساء بتوقيت جرينتش).
محلل أسواق المال
waleed.alabdulhadi@gmail.com