تحقيق: نايف الفيصل
نشهد ونحن في بداية شهر رمضان حرص العديد من القنوات الفضائية على جذب المشاهد من خلال ما تقدمه من برامج ومسلسلات وحلقات تلفزيونية. وفي الحقيقة أن بعض مما يقدم يتضمن مخالفات شرعية ومفاسد تدفع بالمسلم في هذا الشهر الفضيل بعيدا عن العبادة وقراءة القرآن والحرص على التزود بالخيرات الحسان، وفي المقابل هناك بعض القنوات تضع نصب عينيها كيفية جعل المشاهد قريبا من الله من خلال ما تبثه من مواد إعلامية نافعة تشكل إضافة مهمة لزاد المشاهد من التقوى وحسن العمل.
وحول القنوات الفضائية في رمضان والواجب على المسلم اتباعه حيالها، كان هذا التحقيق.
الصوم وقراءة القرآن
عضو الندوة العامة للشباب الإسلامي الشيخ الدكتور سعد العريفي أوضح أن الوضع الأمثل للمسلم في رمضان المبارك يكون في استغلال نهاره بالصوم، وقراءة القرآن الكريم، والعمل بما ينفع الناس من إطعام الطعام وتفطير الصائمين، والقيام على الضعفاء والمساكين والأرامل والأيتام، وكل عمل يقرب إلى الله عز وجل من فعل الطاعات والبعد عن المعاصي والآثام. وكذلك كثرة الذكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وزيارة المرضى، وأن يجعل له برنامجا في قراءة القران وتدبره، ومعرفة أحكامه والعمل بها، وفي الليل يؤدي صلاتي التراويح والقيام في المساجد، مع قراءة شيء من القرآن والكتب النافعة من حديث وتفسير وغيرها.
وأكد الدكتور العريفي أنه يجب على المسلم الابتعاد عما يشغله في نهاره أو ليله أو يفسد عليه صومه من متابعة القنوات الفاسدة والتمثيليات أو الأغاني والمسرحيات مما يكثر في هذا الشهر الكريم أو لغو الكلام في القيل والقال والغيبة والنميمة، إذ على المسلم الحرص على وقته، بألا يضيعه في ما لا فائدة فيه، كما أن السهر في اللعب أو اللهو مما يضيع الوقت ولا فائدة فيه.
وقال: من الأعمال التي ينبغي للمسلم القيام بها في هذا الشهر العمرة فإنها تعدل حجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك الاعتكاف أغلب الشهر أو بعضه، ومن ذلك أيضا الصدقة وتفقد جواع المساكين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله عز وجل وغيرها من الأعمال الصالحة.
شهر القرآن
أما الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين فقال في هذا الشهر الفضيل نلاحظ أن القنوات الفضائية تستعد وتتنافس لعرض ما يجذب المشاهد إليها ويزهده في غيرها، ومنذ أمد بعيد قبل أكثر من 40 سنة لم تكن في المملكة قنوات فضائية ولا أطباق فوق السطوح وكان التلفزيون السعودي حينها والإذاعة كذلك تكثف استعدادها لإحياء رمضان بما يجذب الناس لها وتحشد المسلسلات التمثيلية والأغاني والمسابقات ونحوها.
وأضاف: وقد مشت على هذه السنة القنوات الفضائية في هذا الزمان وهي كثير بحيث أن الإنسان في منزله قد يجلب منها ألوفا، وكل منها وبخاصة العربية تحاول أن تفوز بأكبر عدد من المشاهدين في هذا الشهر الكريم، وأمام هذا الغزو الإعلامي الذي يهدف تضييع فرصة استغلال رمضان على المسلمين لابد من تنبيهات تتلمس الجرح وتعالجه بهدوء.
وذكر الدكتور الجبرين أنه لا شك في أن كثيرا من أصحاب هذه القنوات من المسلمين الذين يحبون الخير لأنفسهم وخيرهم الحقيقي نجاتهم في الآخرة فهؤلاء نذكرهم بقول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}
وبالحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) فليتقوا الله في الإسلام والمسلمين، وليعلموا أنهم يتحملون أوزارا عظيمة ويحملون أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم لا طاقة لهم بها هي أوزار الملايين الذين ضلوا بسببهم.
وأضاف: ومع أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق هؤلاء، فإن الفرد المسلم عليه أيضا حماية نفسه وأهله من هذا الوباء قال تعالي:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}
فهذا نداء لأهل الإيمان بأن يقوا أنفسهم وأهليهم هذه النار المخيفة التي لا توقد بحطب ولا فحم، وإنما توقد بالناس والحجارة التي تزيدها حرارة فيقي المسلم نفسه بفطامها عن مشاهدة بعض هذه القنوات المليئة بما يضر العبد في دينه ودنياه ثم يقي من تحت ولايته من نساء وذرية ليقوم بواجب القوامة وليكن ذلك بالإقناع وقطع مادة الفساد عنهم، ولقد وجدت في هذا العصر قنوات راشدة وإن كان بعضها لا يخلو من تقصير لكنها في الجملة خير من القنوات التي جعلت معظم برامجها مما يلهي عن طاعة الله ويصد عن ذكره.
وتابع الدكتور الجبرين كما أوجه هنا كلمة لأصحاب القنوات التي منّ الله عليها بالبعد عن هذه الملهيات بمداومة المراجعة والتهذيب حتى لا يدعونا إرضاء المشاهدين واستجلاب رضاهم للتساهل في بعض ما يعرض والتغاضي عن بعض الهفوات التي يقع فيها بعض مقدمي البرامج ومنفذيها جهلا أو تساهلا أو تأولا، فإن الفضاء مجال خصب وميدان رحب للدعوة والتعليم والتوجيه استفاد بسببه الملايين ممن كانوا محرومين من العلم الشرعي والفقه في الدين في كثير من أطراف الأرض. ألا فلنجعل هذا الشهر الكريم ميدانا للتنافس في الطاعات والوصول للكمالات حتى نكسب الأجور ونفوز بالحبور في جنات عدن عند مليك مقتدر.
التعامل مع القنوات الفضائية
وعن كيف يمكن للمسلم التعامل مع القنوات الفضائية خاصة خلال شهر رمضان، أوضح الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن محمد الفارس المشرف التربوي بوزارة التربية والتعليم أنه منذ انطلاقة الإعلام الفضائي المفتوح، وهناك بعض القنوات الفضائية لا هدف لها سوى زعزعة الدين في النفوس وتماسك المجتمع في أخلاقه وعاداته المبنية على مبادئ هذا الدين العظيم، موضحا أنه ليس كل قناة تتمسح بالإسلام تكون إسلامية! فما بالك بالقنوات التي أعلنت الحرب على الله ورسوله.
وبيّن أن ما عرف من قنوات إسلامية نقية، فهذه يجب تشجيعها ودعمها بالمتابعة والتفاعل المحفز إلى الخيرات، وأن ما عرف من قنوات تبث السوء فهذه يلزم مقاطعتها وحذفها واستبدالها بالقنوات النافعة.
وحول كيفية التعامل مع البرامج التي قد تحتوي على مخالفات شرعية، قال يلزم الاحتساب عليها بالآتي:
أ- إعداد تقرير عن المخالفات (يذكر فيه عنوان الحلقة واسم البرنامج وتاريخه ووقت بثه) ثم رفعها إلى ولاة الأمور والعلماء والمسؤولين لاتخاذ اللازم نحوها رسميا.
ب- المداخلات الصوتية فور وقوع المخالفة الشرعية.
ج- إرسال الرسائل النصية على البرنامج.
د- التحذير من هذه القناة في المنتديات والمراسلات بالبريد الإلكتروني.