Al Jazirah NewsPaper Friday  28/08/2009 G Issue 13483
الجمعة 07 رمضان 1430   العدد  13483

هذي
قلاع المجد
شعر: عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

ألقيت في لقاء خادم الحرمين بوفود المهنئين في قصر السلام في جدة في اليوم الثاني من رمضان

هذي قلاع المجد، عز كيانها

وتجاذبت وتماسكت أركانها

تمشي النجوم على ذراها، كلما

جن المساء، فيزدهي بنيانها

ويعانق القمر المضيء شموخها

فتكاد تهتف باسمه جدرانها

أما إذا انسكب الصباح على الذرى

منها وهش لنوره بستانها

وانساب ضوء الشمس في واحاتها

متخللا ما ظلّلت أغصانها

وسرى النسيم مداعباً أهدابها

واستيقظت من نومها أجفانها

فهناك يسعد كل نفس حسنها

وتسر مقلة ناظر ألوانها

هذي قلاع المجد جلجل صمتها

نطقا، وأينع في السكوت بيانها

فهي التي بالصمت أفصح ناطق

مهما تعثر في الكلام لسانها

وهي التي تبقى رموزاً، يرتقي

في كل عصر قدرها ومكانها

فيها تعانقت المكارم، والتقى

إيمانها في ساحها وأمانها

هي مهبط الوحي المبين، بنوره

اغتسلت، فزالت بعده أدرانها

لما تلا المختار (اقرأ) أشرقت

وتساقطت من حوله أوثانها

وتطامنت شم الجبال تواضعاً

وتشربت مما تلا آذانها

فكأن حصباء البطاح تحولت

فيها لآلئ، قد غلت أثمانها

يا خادم الحرمين، هذي قبلةٌ

كبرى، ثقيلٌ بالهدى ميزانها

من حولها البلد الأمين وأمةٌ

في كل ناحيةٍ، هَفا وجدانها

فالشام، واليمن السعيد، ومصرُها

وعراقُها، ومحبها سودانها

وخليجها العربي في أعماقه

شغف تبوح بمثله إيرانها

والمغرب العربي يخفق قلبه

حباً، وكشمير وباكستانها

وعلى مآذن تركيا وقلاعها

من حبها صور بدا برهانها

وهناك من خلف البحار تطلعت

شيشانها حباً وتركستانها

ومآثر التاريخ في بلقانها

تشدو بما تشدو به أفغانها

أما فلسطين الحبيبة فالمدى

في ناظريها، والزمان زمانها

فيها شقيق المسجدين ولم تزل

في سجنها، يلهو بها سجانها

يتطلع الأقصى إلينا، كلما

هز المشاعر للصلاة أذانها

يا خادم الحرمين، دولتنا التي

ورثت ينابيع الهدى أوطانها

إن قيل: تلك سفينة، فالبحر في

زهو بها، وشموخها ربانها

أو قيل: ذلك موكب فأمامه

طرق النجاة يحفها ريحانها

هي دولة قامت على الدين الذي

لولاه، ما سبق الخيول حصانها

لما مشى عبدالعزيز مكبراً

سلك الطريق وراءه فرسانها

أستار كعبتها دلائل حشمة

مهما تراقص حولها مجانها

يا خادم الحرمين، أنت تقودها

وإليك ألقي سرجها وعنانها

أنت الذي أسكنت قلبك حبها

فاستوطنته وسرَّك استيطانها

ما زلت تمنح مسجديها خدمة

عظمى سرت بحديثها ركبانها

في وجه مكتها علامات الرضا

وبحب طيبتها يفيض جنانها

شرف تضاءلت المفاخر عنده

لا فرسها بلغت ولا رومانها

والله لولا دينها ما أسرجت

قنديلها قحطان أو عدنانها

ظلت تدير رحى الحروب لنفسها

لا عبسها انتصرت ولا ذبيانها

ذاقت قبائلها الشتات، وحينها

بعث الرسول تبددت أحزانها

فجمالها إسلامها، وجلالها

إيمانها، وبهاؤها إحسانها

يا خادم الحرمين هذي دولة

يسمو بها نحو العلا إيمانها

تلك الأمانة - لا عدمتك - عبئها

عبء يشير إلى الرجال بنانها

أبت السماء وأرضنا وجبالنا

منها، وناء بحملها إنسانها

فلأنت تحملها، ونايف أمننا

وولي عهدك - قبله - سلطانها

فيكم لها أمل يطمئن قلبها

وكفيلها ووليها رحمانها

فهو الذي علم السرائر عنده

مهما يطول على المدى كتمانها

أركان دولتنا يثبتها الهدى

وبه تعز ويشرق اطمئنانها

فهي المنيعة بالشريعة، دارها

دار الهدى، ويقينها عنوانها

والأمر بالمعروف خيمة أمنها

ولسان خير الأنبياء لسانها

أبشر بعزتها وطول بقائها

إن ظل يرفع رأسها قرآنها


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد