اعتدنا في المملكة العربية السعودية على التعامل بخلق الإسلام والتسامح والعفو وحبّ الخير لكل الناس، ولم يكن هذا الخلق الكريم مقصوراً على شخص دون آخر بل تعوَّد جميع شعب المملكة العربية السعودية على هذا الخلق واكتسبوه من أعلى مسؤول في المملكة وهو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي مدّ يده لكل من أراد أن يعود لجماعة المسلمين حتى وإن أخطأ في حق نفسه أو وطنه ما لم يكن للآخرين عليه حقوق، ثم سار على ذلك نائب خادم الحرمين الشريفين وولي العهد ووزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأيضاً النائب الثاني ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز -وفقهم الله جميعاً.
وبهذه المحبة والتسامح نهج الأمير المحبوب مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز الذي أحبه الجميع لطيبته ومحبته الخير لكل الناس ومساعدته لمن زلت به القدم ومعاملته بكل حنان يندر وجوده في أي بلد من بلدان العالم، فهذا يجمعه بأسرته وذاك يزوجه وآخر يبحث له عن وظيفة ويوظفه والكثير يناصحهم أو يكلف من يناصحهم حتى يعودوا إلى الطريق السويّ. وإن ما حصل للأمير دفعني أن أبدي ما يجول في خاطري وما أرى أنه واجب عليّ وعلى غيري من طلبة العلم في مثل هذا الحادث، أوجزه في النقاط التالية:
أولاً: أحمد الله عزّ وجلّ على نجاة الأمير، وقد فرحت لذلك كما فرح جميع الشعب السعودي الذي يخاف الله تعالى ويحسب للأمور حسابها ويخشى من عذاب الله تعالى، فإنني والله أفرح إذا نجى شخص مسلم من غدر غادر فكيف لا يفرح المسلمون بنجاة شخص يعمل ليلاً ونهاراً على حفظ الأمن والتصدي لكل من يحاول الإخلال بالأمن بكل حزم واقتدار.
ثانياً: أن الله تعالى هو الذي نجى الأمير من هذه المكيدة ومن هذا الغدر الذي ليس من الإسلام في شيء، فإن نصوص الشرع المطهر من القرآن والسنة قد دلت دلالة واضحة لا لبس فيها على تحريم الغدر والخيانة مهما كانت الذرائع التي يتعلل بها أصحابها، كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} (58) سورة الأنفال. وأخرج الإمام البخاري في صحيحه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه حقه). وهل هناك غدر أوضح من ادعاء شخص أنه يريد تسليم نفسه بينما هو يريد قتل مستقبله والحاني عليه.
ثالثاً: أنه يجب على المسلمين جميعاً وأعني بهم سكان المملكة العربية السعودية أن يكونوا يداً واحدة ضد كل من استهدف أمن هذه البلاد واستقرارها، فإن استهداف الأمير محمد بن نايف -حفظه الله- هو استهداف للأمن في جميع الوطن واستهداف الأمن هو استهداف لنا جميعاً، فما نحن في هذا الوطن إلا لحمة واحدة ولبنة من لبنات هذا الكيان الذي سيظل شامخاً بإذن الله، وهذا الأمن لا مجاملة فيه ولا تهاون ولا تستر على أحد فإن التعاون هنا أو التستر على من يريد زعزعة أمن الوطن والمواطنين هو خيانة للأمانة التي يعلمها المسلم فلم يعد يخفى على أحد أن الأعمال التي قام بها بعض المنتسبين للفئة الضالة هي أعمال محرمة تتنافى مع تعاليم الإسلام وسوف يوقف كل شخص سعى أو حرض أو ساهم أو شارك في هذه الأعمال بين يدي الله عزّ وجلّ وسوف يسأله عن هذه الدماء التي أراقها وعن الأنفس التي قتلها بأي ذنب قتلت، وقد صح الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء).
رابعاً: على طلبة العلم على وجه الخصوص أن يبينوا للناس جميعاً خطورة تلك الأفكار التي تستبيح دماء المسلمين وتستهدف رموزهم وأمنائهم، وأن يوضح أهل العلم الشرعي في مختلف وسائل الإعلام أن هذا الفكر هو غريب عن بلدنا ولا يعدو إلا أن يكون فكراً سياسياً يسعى للتخريب والإفساد وليس للبناء والاستقرار لا سيما والدلائل من خلال أعمالهم توضح هذا الأمر في غاية الوضوح فأيدي ولاة الأمر تمتد إليهم ثم يرفضونها والإحسان إليهم يبذل ثم يقابلونه بالإساءة.
أسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا وعلماءنا وكل مسؤول في مملكتنا الغالية من كل سوء ومكروه وأن يعينهم جميعاً على خدمة دينهم ومليكهم ووطنهم، كما أسأله سبحانه وهو الذي حفظ الأمير محمد بن نايف من هذه الجريمة أن يحفظه في كل وقت وأن لا يريه مكروهاً وأنه كما خذل هذا المجرم أن يخذل كل من حاول النيل من الأمير أو غيره من المسلمين وأن يهدي ضال المسلمين وأن يحمي شبابنا من كل فكر دخيل إنه سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
د. نهار بن عبدالرحمن العتيبي
عضو الجمعية الفقهية السعودية والمشرف على موقع دوحة الإسلام