لم تستطع كثير من الدول المتقدمة علميا وصناعيا أن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم من تطور ونهضة بواسطة سلاح العلم فقط، وإنما عبر تلازم العلم مع العمل، حيث استطاعت هذه الدول أن ترسي كثيراً من المعايير (الإنسانية وغير الإنسانية) التي تحفز الفرد وتستنهض قدراته وتفجر طاقاته للوصول إلى أقصى حدود الإنتاج كماً ونوعاً. إن نقطة التحول في التاريخ الإنساني الحديث كانت الثورة الصناعية وما تبعها من تحولات كبيرة أدخلتها على حياة الإنسان، وكان من أبرز المصطلحات الإدارية التي تم الترويج لها خلال تلك الحقبة (الإنسان الآلة) وما ردده أحد مؤسسي علم الإدارة فريدريك تيلور بقوله: إن هناك طريقة واحدة فقط لأداء العمل بشكل مثالي ولا بد من الوصول إليها.
وفي ديننا الحنيف وشريعتنا الغراء إطار إنساني واضح ينظم علاقة الإنسان بالعمل لم تصل إليه التشريعات والنظريات البشرية، حيث جعل الإسلام من العمل عبادة تؤدى بإخلاص، فالعامل أو الموظف رقيب على نفسه.
إن اهتزاز قيم العمل لدى البعض خلال شهر رمضان والركون إلى التكاسل والتخاذل عن أداء العمل بحجة الصوم، دليل على فهم خاطئ وإدراك مشوش للقيم الكريمة التي يزرعها الصيام في النفس المؤمنة المطمئنة، فحري بهؤلاء الكسالى من الموظفين والعمال أن يتقوا الله ويستشعروا حجم الأمانة التي في أعناقهم، وأن يؤدوا أعمالهم الموكلة إليهم على الوجه الأكمل، فالصوم عبادة لا ينبغي أن يتذرع بها أحد لتبرير كسله أو خموله.
***