قبل رمضان بمدة بسيطة تشتد حمى السرعة في إعداد سطح المسجد لإفطار الصائمين، (وخاصة المساجد التي لا يوجد حولها ساحة لبناء الخيمة البيضاء) ويقف الإمام ويحمد الله ويشكره على نعمته ثم يحث المصلين على التبرع لإفطار إخوانهم في مسجدهم، ولهم الأجر والثواب.
تنهمر التبرعات كل حسبما يستطيع، ثم تبدأ مسألة الإعداد للإفطار في سطح المسجد تأتي تبرعات من مياه ومن مواد غذائية من جمعيات خيرية للمساجد كلها ويكثر الرزق والخير، ويكثر المفطرون في سطح المسجد.
هذا الشأن درج عليه الناس بحكم العادة المتوارثة في زمن كان الناس يقطعون الفيافي والقرى على أقدامهم في رمضان، فيأتون للمدن والقرى ويتجهون للمسجد ليجدوا ماءً بارداً وتمراً جاء من نخلة كانت وقفاً على المسجد من أهل الخير في القرى، وكثيراً ما نقرأ عبارة تقول: (وثمرة النخلة وقفا لفطور الصائمين في رمضان توضع تمورها في المسجد صدقة جارية لا مقطوعة ولا ممنوعة) واستمرت واستمرت تلك العادة وتوارثتها الأجيال لأنها مناسبة لذلك الزمان وأولئك الناس يومها.
أما الآن فلو ألقينا نظرة على المتبرعين لوجدنا أن لهم أقارب هم أشد حاجة ممن يدفعون لهم الصدقة في المسجد وقد تزيد عن الحاجة بكثير، وهؤلاء الأقارب هم أولى بالمعروف لأنهم من ذوي القربى، ومن ذوي الرحم الذي يجب أن يوصل، لكنهم من المتعففين عن السؤال خوفاً من ألسنة الناس، أو تعففاً كما مدحهم القرآن في تعففهم، وأكثر المتعففين ليسكنون قرى هاجر منها الأثرياء وأصبحوا في مدن يعيشون زحمتها ونسوا أقاربهم في تلك القرى، إما غفلة منهم أو ظنا منهم أن أولئك ليسوا بأصحاب حاجة.
ولعلي لا أبالغ لو قلت أن في القرى من قومنا من هم أشد حاجة ممن يعملون في المدن ويجدون كل أنواع الأكل وكل أشكاله في المساجد، بينما قومنا يفطرون على حبة تمر وقطرة ماء ويحمدون الله على العافية والستر مع حاجتهم التي يحاولون أن يخفوها.
أليس من الأولى والأجمل أن تعطى تلك التبرعات أو بعضها لأولئك المتعففين، ولو عن طريق شراء احتياجات رمضان المبارك كما يفعل بعض من أعرفهم من أهل الخير، أولئك العقلاء الذين يعرفون الأيتام والأرامل والمحتاجين ويقفون معهم بسر وستر بعيدين عن مظاهر البذخ المعلن في رمضان وغيره.حري بنا أن نلتف إلى فقرائنا فذوي القربى أولى وأجدر أن يجدوا الدعم والمواساة في رمضان وغيره من مواسم الخير، خاصة وأن في ذلك صلة رحم وصلة قربى.
فاكس : 2372911
abo-hamra@hotmail.com