كلما اجتمعنا كسعوديين من مختلف مناطق بلادنا الواسعة، من الوسط والجنوب والشمال والشرق والغرب، من الحاضرة والبادية، من المدن والقرى، كلما رفعت يديَّ داعيا لموحد الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته- صاحب التجربة الوحدوية المنقطعة النظير في بلادنا العربية؛ حيث جمع شتاتنا في قلب وطن واحد وحقق لنا الأمن والاستقرار والطمأنينة والنمو في ظل شريعتنا الإسلامية السمحاء.
الوحدة الوطنية غاية كل وطن تحققت في بلادنا في ظل قيادة رشيدة نقلت بلادنا نقلة نوعية بقفزات تنموية رغم التحديات التي ليس أقلها قلة الموارد البشرية التي تطغى عليها الأمية آنذاك إذ مرت بلادنا بتحديات خطيرة في ستينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بل حتى العقد الأول من القرن الحالي نتيجة التيارات الفكرية والحروب الإقليمية والصراعات الدولية التي سقط في وحلها الكثير من الدول العربية حتى باتت دولا طاردة لسكانها رغم عظم مواردها الطبيعية والبشرية.
ورغم الإنجاز الحضاري لبلادنا في ظل التحديات التي أشرنا إليها إلا أن قيادتنا الحكيمة لم ترتهن لهذا الإنجاز لتستكين وتفاخر به، بل لا زالت تبذل الجهود وتبذل الميزانيات وتسابق الزمن لتعزيز الوحدة الوطنية ومعالجتها من كل شائبة وتعمل على تفعيل الثروة الحقيقية لبلادنا والمتمثلة بالموارد البشرية الوطنية لتعتمد على اقتصاديات العقول كبديل حقيقي وفاعل لاقتصاديات الحقول التي قد تنضب بأي وقت.
فبعد أن ركزت حكومتنا جهود التنمية في المناطق الرئيسية الثلاثة الرياض والغربية والشرقية وانتقلت بها الى مصاف المناطق المتقدمة عالميا التفت إلى بقية المناطق الأخرى مستفيدة مما حبانا الله به من نعمة نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالميا حيث توجهت لتطوير بناها التحتية وتزويدها بالمرافق الخدمية من مدارس ومستشفيات ومعاهد وجامعات ومشاريع تنموية منتقاة تتناسب وميزاتها التنافسية حتى باتت بلادنا ورشة عمل في كافة أرجائها في عهد ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله.
وزارة التعليم العالي التي حققت نجاحات كبيرة سبقت بها معظم إن لم يكن كل الأجهزة الحكومية الأخرى ذات الصلة بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين لعبت دورا كبيرا في تعزيز الوحدة الوطنية من خلال القضاء على مشاعر بعض أهالي المناطق خارج المدن الرئيسية الثلاث بعدم اهتمام الحكومة بتنمية مناطقهم حيث رأوا بأم أعينهم افتتاح أرقى الكليات العلمية إضافة لإنطلاق بناء مشاريع المدن الجامعية في مناطقهم كما هو الحال في تبوك والجوف وحائل وجازان ونجران والباحة والحدود الشمالية إضافة لمجمعات الكليات الجامعية في عدد من المحافظات حتى شملت تلك المجمعات 79 محافظة بعد أن كانت تشمل 16 محافظة فقط.
مقعد لكل طالب علم، سرير لكل مريض، مسكن لكل أسرة سعودية، وظيفة لكل طالب عمل، بيئة محفزة لكل منتج ومبتكر ومبدع وعلى قدم المساواة في كافة أرجاء الوطن غاية تسعى قيادتنا لتحقيقها وعلينا أن نعينها على تحقيق ذلك في سبيل تنمية متسارعة تستند الى وحدة وطنية قوية: فهل نرى الأجهزة المعنية بكل هذه المساحات من التنمية أن تسارع لإنجاز مهامها في الوقت المستهدف، هذا ما نرجوه جميعا لنرى بلادنا قريبا وقد قل اعتمادها على النفط كمصدر رئيسي للدخل وزاد اعتمادها على إنتاج عقول وأيدي أبنائها في تنمية اقتصادها الوطني.
* * *
alakil@hotmail.com