لم يكن خبر محاولة اغتيال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز في منزله في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك إلا مؤشراً كبيراً على سوء الحال الذي وصل إليه أولئك الغارقون في أوهامهم، غَرقاً أعمى أبصارهم وبصائرهم عن الحقِّ الأبلج الواضح الذي لا يخفى على نظر العاقل المتأمِّل.
|
كان خبراً مؤلماً -بلا شك- لأنَّ صورة الغدر والخيانة ماثلةً فيه للعيان فهو اعتداء على رجل آمنٍ في منزله، في شهر مبارك تترقَّى فيه أرواح المؤمنين، ويُعدُّ فرصةً كبيرة لصفاء الروح، والتخلُّص من شوائب الحقد، وهو اعتداءٌ على مسؤولٍ عن الأمن معروفٍ بالجد والمثابرة والحرص على التعامل الأمثل مع الناس جميعاً، ومع أفراد هذه الفئة الذين رأوا من محمد بن نايف رغبةً شديدة في الاستصلاح، وميلاً قوياً إلى تغليب جانب المعاملة الحسنة، والرِّفق الذي لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه.
|
خبرٌ مؤلم بالمقاييس كلِّها، خاصة وأنَّ الأمير محمَّد أنموذج رائع للمسؤول الجادّ الهادئ بشهادة كلِّ من التقى به من المتهمين في قضايا الإرهاب وخرجوا من السجن وهم يرسمون أجمل صورة لهذا الأمير الأريب.
|
وهنا أقول لسمو الأمير محمد: نحمد الله على سلامتك، ونسأله عز وجلَّ أن يعظم لك الأجر، ويبعد عنك السوء ويزيدك توفيقاً وسداداً في مسؤولية الأمن الكبرى المناطة بك، وأذكِّرك بأن كلَّ عملٍ خيِّر عملته محفوظ لك عند الله عز وجل، وأنَّ صورة حسن التعامل التي رسمتها طيلة عملك هي الأبقى والأقوى، ولعلها هي التي منعتك بأمر الله من غَدْرةِ ذلك المتجرئ على ما حرَّم الله، فإنَّ صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وما عرفناك في مجال عملك -كما يشهد بذلك كلَّ من اقترب منكَ- إلا ممن يحبُّ أن يصنع المعروف، ويميل إلى اختيار أيسر الأمور وأسهلها، خاصةً مع المغرَّر بهم والمتورِّطين من الشباب الذين تضيق مداركهم عن معرفة أبعاد الأمور.
|
هنالك مثل عربي يقول: (أبْدَى الصَّريحُ عن الرِّغْوة) وهو مثل يُضرب عند انكشاف الأمر وظهوره، ولقد أبدى صريحُ جهودكم الأمنية المباركة في متابعةِ هذه الفئة الضَّالة في دروب الوهم، المضطربة في فهم الأمور، عن رِغْوةِ الحقيقة التي أوصلتْ الغدرَ والغادرَ إلى هذا الباب المسدود في هذه المحاولة الفاشلة، التي وقاك الله شرَّها بفضله وكرمه. إنَّ صورة تعاملك مع الأحداث مشرقة كلَّ الإشراق، يعرفها القريب والبعيد، ولم تزدها هذه المحاولة الغادرة إلا إشراقاً، بل إنَّ هذا العمل الغادر كان سبباً قوياً في جلاء الصورة ووضوحها، وإبرازها لمن كان غافلاً عنها من الناس، ولمن لم يكن مطلعاً على الإنجاز الأمني الكبير الذي حلَّق في بلادنا بجناحين، جناح دقَّة الخطط الأمنية، وإتقانها، وجناح تعاملك الرَّاقي مع من يقبض عليهم، أو يسلِّمون أنفسهم، تعاملاً جميلاً لن يضيع أثره عند الناس، ولن يضيع أجره عند الله سبحانه وتعالى لأنَّ الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً نقولها بملء فم التقدير لجهودك وأخلاقك: الحمد لله على سلامتك.
|
|
همم الرجال إلى المكارم تَصْعَدُ |
وعن التذبذب في المواقف تَبْعُدُ |
|