.خير ما نبدأ به حديث اليوم حمد الله وشكره، على سلامة سمو الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية من شر أريد به وندعو الله سبحانه أن يحمي البلاد وقادتها من أعمال المأجورين المغرر بهم، وكيد المغرضين المخالفين لشرع الله.
أولئك الذين يعملون في الخفاء ممن باعوا ضمائرهم، وخانوا أمانتهم .....
.....لصالح أعداء الله وأعداء دينه، فأضروا بالإسلام والمسلمين في بلاد الحرمين الشريفين سوءًا، تدفعهم لذلك توجيهات وقيادات ماكرة وحاقدة، نسأل الله أن يرد كيدهم لنحورهم، وأن يجعل سعيهم مردوداً عليهم فهو سبحانه القادر على ذلك.
ذلك أننا في هذه البلاد محسودون، طامع فينا الأعداء: ما بين من يدعي الصداقة ليطعن في الظهر، وعدو متربص يتحين الفرص، وحاقد يتمنى زوال ما نحن فيه، لأن كل ذي نعمة محسود.
فنحن محسودون على ديننا، وحاقدون علينا من أجل التمسك بشريعة ربنا، ورغبة التخلي عن ثوابت ديننا، حتى يسهل وجود ثغرة ينفذون منها، ومحسودون على أمننا، وعلى تآلفنا مع قيادتنا، لكي تتخلخل تلك الأركان المتأصلة، فينفذ العدو.
ومحسودون على ما أنعم الله به علينا من اقتصاد راسخ، وموارد سخرت لمصلحة البلاد، ومنفعة ورخاء المواطن.
ومحسودون على عقيدتنا، وحرص قيادتنا على خدمة الحرمين الشريفين، وشرف اعمارهما، ورغبة الدعوة إلى دين الله الحق.
وغير هذا من أمور عديدة، هيأها الله برحمته وتوفيقه، حتى يباعدوا بيننا وبين شكره سبحانه بملهيات ومصائب، تلهينا عن العرفان بتلك الثوابت المتأصلة: دينياً واقتصادياً ومنهجياً وألفة ومحبة مع ولاة الأمور.
وتشتد الضغائن على الأعداء، كلما كشفت وزارة الداخلية أعمالاً تخريبية يسعون فيها ويجدون مأجورين من أبناء هذا البلد، ممن مُسخت عقولهم، وغسلت أدمغتهم، ليسيروا وراء سراب، يحسبه الظمآن ماء.
وفي محاولة يائسة أرادوا التسلط على رموز وزارة الداخلية، نقمة على أعمالها الموفقة، واكتشافات رجالها المخلصين أموراً يراد من ورائها بالبلاد شراً, إذ أحبطوا تهريب مخدرات هائلة، وبمسميات مختلفة، وأسلحة وذخائر مخفية في أماكن كانوا يظنون عدم الاستطاعة على معرفتها.
وغير هذا من أمور يراد من ورائها، تدمير المواطن، وبث الفوضى المدبر أمرها من وراء الحدود، بهدف الإضرار بالبلاد والعباد، مما لا يقدم عليه إلا من في قلبه قليل من حب البلاد وأهلها (أو ذرة من إيمان)، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
ولما بطلت مكائدهم، وتهاوت بعض أحابيلهم، أرادوا النيل من جهود وأعمال وزارة الداخلية، ممثلة في سمو الأمير محمد بن نايف، الذي نجاه الله من كيدهم، ودسائسهم عندما دسوا له واحداً من الإرهابيين، قد هيأوه لمهمة عادت عليه وعليهم بالخسران.
وهو من المطلوبين للجهات الأمنية الذي جاء مخادعاً على أنه تائب سيسلم نفسه، وهو يقصد نسف سمو الأمير، ولكن الله سلم فعاد عمله على نفسه، بعد أن جافى الله شره عن الحاضرين عموماً.
فكانت زيارة خادم الحرمين الشريفين لسمو الأمير محمد بن نايف حال سماعه بالخبر بلسماً شافياً لسموه، بعد ما اطمأن على سلامته وصحته، وكان من كلام سمو الأمير محمد المطمئن لخادم الحرمين الشريفين والمواطنين، قوله: أبشرك أنني بحمد الله بخير، والعدو ما جاني منه - ولله الحمد - ولا إصابة، وهو راح سبعين قطعة، فقال خادم الحرمين: إرادة الله فوق كل شيء والحمد لله أنت سالم وغانم، ولا فيك شيء (كما جاء في جريدة الجزيرة ليوم الجمعة 7 رمضان).
ولا شك أن هذا العمل من الفئة الضالة، يخدم الأعداء، ويرقص معهم: عدو الله إبليس لان هذه الأعمال من مهمته ومهمة أعوانه: من شياطين الإنس والجن.
وهذا مما يحدث شرخاً في المجتمع، وخللاً بيد أبنائه، يضر بالوحدة الوطنية، ويمس بالتآلف والولاء والمحبة فيما بينهم ومع ولاة الأمور.
ذلك أن المحبة المتبادلة بين المواطن والقيادة، من لوازم الاستقرار والأمن، وهذه الخصال من النعم التي منّ الله بها بعدما توالت انتصارات الملك عبد العزيز - رحمه الله - في لم الشمل وتوحيد أجزاء البلاد بعد الشتات والفرقة، وتبع ذلك صدق الولاء والتآلف كما قال سبحانه { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (63) سورة الأنفال.
فكانت وحدة دينية وطنية أصّلها أبناؤه من بعده، سداها ولحمتها شرع الله، وركيزتها نبذ الشحناء والعصبيات. لكنه الحقد والحسد، الذي ملأ قلوب الأعداء، فوجدوا من يخدمهم، ممن خان الأمانة، فأرضعوهم ألبان الحقد والكراهية في تسميم الأفكار، لزعزعة الأمن، وبث الشعور بخلخلة الصف المترابط، بأي سبب يخدم أهدافهم. وبدون هدف للفئة الضالة، إلا خدمة أعداء دين الله، ومساعدة لمن يريد بالأمة شرا، وهذا من أسوأ الأعمال المضحكة المبكية، وشر البلية ما يضحك.
لقد خان هذا المعتدي كلمة الصدق التي أعطاه إياها سمو الأمير محمد، وتأمينه عندما يسلم نفسه، كغيره ممن بان لهم سوء ما سلكوه عن طريق قلب الأمور لهم، وتبصروا بما يجب أن يسلكوه، مع المناصحة وحسن التبصير.
لكن ضعف الوازع الإيماني عند هذا المعتدي، جعله يبادل الإحسان بالإساءة، والعفو بالغدر فيما دبر وعلى الباغي تدور الدوائر، كما يقال: فكانت العاقبة عليه، خسارة أبدية، حيث أخبر - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح، وفيه أن من قتل نفسه فهو في النار يجأ نفسه بما قتلها به: سماً أو حديداً، أو هاوية أو تردياً من شاهق وغير ذلك. نعوذ بالله من الخذلان والخسران - وهو عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
إن هذا المعتدي قد أعطاه سمو الأمير كلمة صدق - والمؤمن لا يكذب - بأنه جاء مسلماً نفسه تائباً, فكانت كلمة صدق لتبلغه إلى مأمنه، إلا أن نزعة الشر ودلالة الشقاوة، استبدل بذلك المعتدي الإحسان إليه، وقيادته للدرب الصحيح، بالإساءة والمكر السيئ، فأبطن ذلك لينفذ ما كلف به من دعاة الشر، فما مد به مكره, كما جاء في القرآن الكريم فعجل بنفسه إلى أمرين، قتل النفس، والمخادعة، مع من وثقوا بكلامه، وأمنوه، وفتحوا صدورهم لرغبته التي تأبى كذبها.. فانفجر حزامه الذي أراده في الأمير ومن حوله، فيه هو: جزاء وفاقاً ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها.
ولأن قيادة هذا البلد قد أخذت على عاتقها، المناصحة وتبين الطريق السليم للحق، بواسطة طلبة علم يريدون لهؤلاء الخير، وفق شرع الله وما تسير فيه القيادة في هذه البلاد في معالجة الأمور، حيث استجاب من فتح الله عليهم حب الخير، فعرفوا الصواب بدليله، حسب وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته في آخر عمره: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي).
هذا هو منهج ولاة الأمر هنا - بحمد الله - الذين أكرمهم الله بخدمة الحرمين الشريفين والسعي في مصالح المسلمين، وسبل الخير، وتحكيم شرع الله في عباد الله، ومن أصدق من الله حديثا.
وفي سورة النساء بين الله جل وعلا حرمة النفس المعصومة، وعقاب من تجرأ على قتل نفس بغير حق فقال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء.
فكانت جزاءات أربعة: كلها شديدة الوطأة عظيمة الأثر، نسال الله السلامة والعافية: 1- جهنم خالداً فيها. 2- غضب الله على القاتل. 3- يستحق لعنة الله ولعنة الله تعني الطرد من رحمته. 4- وما أعد له من العذاب العظيم يوم القيامة.
قال بعض العلماء: من جاء عازماً على القتل، متهيئاً بأداة القتل، وحاول ولم يقدر فهو بهذا مستحقاً للجزاء بالنية أخذاً من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذي اتفق على روايته البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
ولذا نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إخافة المسلم وترويعه والإشارة إليه بحديدة، وحرم دم المسلم، وقال: من قتل مسلماً بغير ذنب لم يرح رائحة الجنة).. ولما أخبر عن رجل قتل آخر وهو يقول لا إله إلا الله، غضب عضبا شديداً، وصار يردد على القاتل: كيف بك إذا جاءت لا إلا إله الله تحاج أمام الله يوم القيامة، والقاتل يحاول التبرير بأنه لم يقلها إلا تعوذاً، فيرد عليه الرسول الكريم: هل شققت قلبه، هل عرفت ما في صدره.. كيف بك إذا جاءت لا إله إلا الله تحاجك أمام الله.. حتى تمنى أن أمه لم تلده.
ولا شك أن هذا المعتدى ما لبس حزاماً ناسفاً إلا بنية القتل والعدوان.. ثم لو وجه سؤال لهذه الفئة: ما هدفكم بهذه الأعمال؟ وكيف خالفتم هدي الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ ولماذا تحمستم في إرهابكم، وترويعكم للآمنين؟ لم تجد جواباً ترتضيه شريعة الله، وصدق الله، إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. جزاهم الله بما يستحقون، وكفى البلاد وولاتها شرهم، وزادهم الله خذلاناً ومهانة.
إن الاعتداء على سمو الأمير محمد محاولة آثمة في الإضرار بأمن البلاد، وهو أسلوب العاجز، لأن الأمن بحمد الله الذي ترعاه وزارة الداخلية، أثبت كفاءته ومكانته في التصدي للفئة الباغية، فعبروا عن عجزهم، بطريقة الجبناء كالطفل عندما لم تتحقق مطالبه، فأنه يصيح ويرمي نفسه في التراب، في تعبيره عن نفسه، فهو يلحق الضر بجسمه فقط.