الحضور النسائي في الساحة التشكيلية يشكل ظاهرة إيجابية، فللمبدعات النساء حق كما للمبدعين الرجال، بما لدى الكثيرات منهن من قدرات تمكنهن من التفوق بها على الرجال بالحس والقدرة على تقديم أعمال مكتملة البناء بمستوى يتوازى مع متطلبات الحالة التي تعيشها الفنون التشكيلية محليا وعالميا، وقد سعدنا بهذا كثيرا كمتابعين ومراقبين للساحة منذ ما يقارب ست وثلاثين عاما مع ما قمنا بتوثيقه عن تاريخ الساحة التشكيلية المحلية، حيث كان الحضور النسائي في بداياتها يعد على الأصابع وفي المدن الرئيسية فقط بينما اليوم نجد التشكيليات في كل مدينة وقرية في مختلف مناطق الوطن يسهمن وينافسن في الرفع من مستوى الساحة ويمثلنها في المحافل العالمية التي تشارك بها الجهات الرسمية ذات العلاقة.
وإذا كنا قد سعدنا بهذه المشاركة من قبل التشكيليات إلا أن الكثافة التي يشهدها جانبهن يغطي فيها الغث على الثمين مع ما يسعى إليه المبدعات منهن بجهود لإثبات حقهن مقابل ما شاب الساحة من الأعمال الضعيفة التي جلها من بقايا الأعمال المنفذة في ورش أقسام التربية الفنية التي نفذ التشكيليات فيها أعمالهن خلال دراستهن، وقد نجد الإجابة من التشكيليات عند الإشارة إلى ضعف العمل أو انه يحمل تاريخ تنفيذ قديم بأنه من إنتاجهن خلال دراستهن لجامعية مع أنهن قد تخرجن قبل سنوات طويلة ليتشكل أمامنا السؤال الأزلي الذي لم نجد له إجابة حتى الآن بل تتكرر أسباب طرحه مع كل معرض (أين الجديد للتشكيليات اللائي يتسابقن على المشاركة في المعارض بالقديم من إنتاجهن)، إضافة إلى ما يلفت النظر من التجاء الكثير منهن عن سبل الإبداع بمختلف التقنيات بحثا عن بديل لتجارب لم يحالفها الحظ لافتقادهن الموهبة وامتلاكهن الهواية العابرة.
نعود للعنوان: (ما أبقته ورش أقسام التربية الفنية) ونعني به نوعية الأعمال التي أصبحنا نشاهدها من قبل (التشكيليات) والمتسمة بمحاكاة الواقع أو اتباع متطلبات المادة أي كانت خامتها والتركيز في تنفيذ العمل على الحرفة التي تتطلب الدقة في نقل الشكل دون الاهتمام بالفكرة التي تشكل شخصية المنفذ للعمل مع ما شاب بعضها (أقول البعض) من تدخل أيد عاملة في محلات الخط التجارية أو محلات إعداد الإكسسوارات وتغليف الهدايا.
هذا الأمر لا يعني أن ليس لدينا أسماء وإبداعات مهما كانت قليلة (فقليل دائم خير من كثير زائل ) تجاوزت مفهوم التقليد والتزيين إلى أعماق الفكرة سيكون لنا معها مساحة من الطرح لتكتمل سلسلة المرأة والفن التشكيلي بعد عودة المجلة الثقافية التي تصدر يوم الخميس - بإذن الله -.
monif@hot mail.com