ينحاز عبد العزيز الناجم في أطروحاته كثيراً وبشكل محبب إلى معطيات وأنماط العمارة النجدية، وبالتالي فإن تجاربه في السنوات الأخيرة جاءت وفق ما تختزله ذاكرته في هذا الجانب، واستطاع هذا التشكيلي الطموح أن يغامر مغامرات جريئة من خلال تجارب عدة كانت القرية الشعبية بكل معطياتها وجمالياتها هي الهدف الرئيس للناجم، وبالتالي جاءت لوحات الناجم الأخيرة وكأنها حكايات متتابعة أو سرد قصصي لما كانت عليه الحياة في قرى نجد بما عرفت به من بساطة في العيش وحميمية اللقاء والترابط الاجتماعي، فجاءت أعماله تكريسا للحياة بصفائها ونقائها وعذوبتها وما هذه المساحات اللونية المدروسة بعناية فائقة المترابطة والمتلاصقة وفق بنائية محكمة إلا شاهد لما كانت عليه حياة الناس وعلاقاتهم الاجتماعية.
ومن هنا فإن عبد العزيز الناجم يقدم للمشاهد قصصا وحكايات مسكونة بالجمال من خلال اللون الذي جاء مطواعا لأنامل الناجم بما جعله يفرض سطوته على اللون بكل مشتقاته وتطويعه بما يخدم المنجز نفسه، ومن هنا كان للمتلقي في معرض الناجم الأخير مواعيد ولحظات ممتعة مع الجمال من خلال هذا المارد (اللون) الذي سيظل في الفن التشكيلي هو صلب الحكاية وسيد الموقف كما قلت في طرح سابق.
برع عبد العزيز في معرضه الأخير من خلال تأكيد التجارب السابقة ومن خلال حكاية القرية النجدية وقدرته على إضافة المزيد من خلال التجربة نفسها بما جعلها أيضاً ربما بصمة للناجم استطاع من خلالها أن يتنفس الإبداع واستطاع أيضاً أن يقدم ملامح من قدرته الثرية في مجال اللون.
أتمنى أن يتواصل الناجم مع تقديم تجارب عدة تكون لها أدوار أخرى احترافية تسهم في نقل صور ومشاهد عدة تكاد تندثر في ظل هذا العصر المليء بكل المتناقضات وبكل هذه الزحمة في مجال الآلة والميكنة، فالفن التشكيلي قادر على أن يكون مرجعاً تاريخياً لكل الموروثات الشعبية والحياتية وفق صياغات وقوالب جمالية تتضمن المعلومة والمتعة البصرية.
فالفن هو وسيلة للتعبير وهو لغة لكل الناس والتعايش معه متاح للكل وهو قادر أيضاً بكل معطياته ودلالاته المعرفية والجمالية أن يفرض المتعة والشواهد والحكايات وأن يكون سجلاً أميناً للحياة بكل أنماطها وصورها المختلفة.
Sada-art@hotmail.com