الإرهاب لغة مبتدعة ووسيلة مستهجنة، وبمفاهيمه الحالية مرفوض ومكروه مهما كانت أهدافه ومراميه، ومثاله الحادث الإجرامي الغادر الذي تعرض له صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز من خفافيش الظلام وخوارج هذا العصر.
إن مثل هذا الإرهاب لا يمكن أن يحقق أهدافاً مدعى بها، وهو يستهدف فيما يستهدفه الأمن والطمأنينة والاستقرار في هذا البلد الآمن الذي تفتقده دول كثيرة متقدمة في تقنياتها وإجراءاتها واستعداداتها، وترجوه مجاميع بشرية تقض مضاجعها الفوضى والاضطراب والقتل والتفكك الاجتماعي في مجتمعاتها.
إن الحادث الآثم من يد الغدر والجبن والإجرام لن تزعزع الأمن في هذا البلد الطيب، بل ستزيد الشعب صلابة وقوة وإيماناً بوجوب محاربة من يقف وراء هذا الحادث الإجرامي الجبان الذي سيرتد وبالاً على النفوس المريضة والطبائع الشريرة التي أمنت بالخيانة لها مسلكاً وارتضت بالرذيلة لها طريقاً من دون وازع أخلاقي ولا رادع من دين أو حياء، وهو ما يستدعي من كل مواطن ومقيم، ومن كل عربي ومسلم أن يقف وقفة رجل واحد في مواجهة هذا النوع من الإجرام وهذا المثل من الجريمة المنظمة التي يقف وراءها أفراد أو مجموعات افتقدت لكل حس إنساني أو بشري، وتحولت إلى قطعان متوحشة يهمها فقط إرواء غليلها في الدم البشري المسفوح بلا ذنب أو جريرة دون أن تحسب للعواقب أو النتائج أي حساب.
إن هذه الوقفة مطلوبة وضرورية اليوم وليس غداً لتبيين الحقائق ومواجهة الادعاءات والبيانات المتسللة من ثقوب منتنة، والوقوف على الأهداف الحقيقية لفاعلي هذه الجريمة النكراء ومخططيها وداعميها، وعدم الاكتفاء بالاستنكار وتبني التحليلات المغرضة والمشوهة والتي غالباً ما تصدر عن جهات مستفيدة من هذه الجريمة وأمثالها.
ومن المؤكد أن هذه الجريمة لا يمكن أن تستهدف فقط دولة بعينها ولا مجموعة محددة بمواصفات معروفة، بل تنتقل وبسرعة إلى استهداف القيم والموروثات الموجودة والفاعلة والمؤثرة خاصة في المملكة العربية السعودية، هذه القيم والموروثات التي كانت وما تزال مصدر قلق وإزعاج لأساطين الجريمة المنظمة في العالم.
ولا شك أن التأثير السلبي على هذه القيم والموروثات ستصيب كل فرد مهما كان موقعه في مجتمعه ولن ينجو منها أحد، ولا يتوهم فرد مهما نأت به ظروفه عن الإحاطة بما يجري، أو نأى بنفسه عنها أنه سيكون بمأمن عن الآثار السلبية المدمرة لجرائم هذه الفئة الضالة، الأمر الذي يستدعي التنبه والاستعداد لكل فرد كلٌ وفق قدراته واستطاعته لكي يصطدم المجرم بجدار صلب يدرك معه صعوبة اختراقه. لذلك فإن العزوف عن الاهتمام بمثل هذه الجريمة البشعة وإلقاء تبعة الملاحقة والمسؤولية على رجال الأمن وحدهم.. إن ذلك خذلان للنفس أولاً، ثم خذلان للدولة والوطن والأمة وعدم فهم حقيقة التعاليم الدينية الحقيقية ودور المسلم تجاه أخيه المسلم ثانياً.
وهنا لا بد أن يعلم كل فرد أنه وأسرته مستهدفون مباشرة من هذه الجريمة وممن هم وراءها، وأنهم معنيون في آثارها ونتائجها مهما حاول العابثون تصوير الأمور على أنها محصورة في أمور معينة وأهداف محددة.
أما أن تؤثر مثل هذه الجريمة النكراء على مواقف الدولة وسياساتها فهذا أمر بعيد المنال، فإن جريمة هنا وجريمة هناك لا يمكن أن يكون لها دور أو مكان في تحديد إستراتيجيات الدول أو توجيه سياساتها، وإن الاعتقاد بتأثير هذا النوع من الجرائم على السياسات الثابتة والأولويات المتبعة يعتبر طفولة سياسية وعبثاً فكرياً مكانه الطبيعي سلال المهملات.
إن الإنسان العربي والمسلم في هذا البلد خاصة وفي العالم عامة هو الذي يستطيع أن يحكم على هذه الجريمة وعلى أهدافها ونتائجها.. فهو هدفها ومبتغاها، وبقدر ما يتأثر بها ومنها، بقدر ما يكون تحديد مستوى نجاح هذه الجريمة وأمثالها في الوصول إلى ما تريد الوصول إليه.
لذلك فالدعوة موجهة إلى كل عربي ومسلم إلى أن يرفع صوته مستنكراً ومندداً ومتوعداً لهذه الجريمة ومن وراءها، فالمملكة العربية السعودية ليست كياناً عادياً لكي يمر الإنسان على جريمة تنتهك حرمتها وتلامس أمنها واستقرارها مرور الكرام، فبقدر ما تكون المملكة قوية بدينها وعقيدتها وشعبها ومحبة العرب والمسلمين لها، فسيبقى العرب والمسلمون أقوياء بها ما بقيت هذه الدولة قوية منيعة صلبة مصانة بفضل الله وقوته.
لقد بلغت رسالة خفافيش الظلام وصناع الإرهاب ومروجيه كل عربي ومسلم، وأصبح الآن أمام دوره التاريخي في الوقوف بكل ما يملك أمام هذا الهجوم الشرس دفاعاً عن دينه ووطنه وأمته.
فإن ما يراد بالمملكة العربية السعودية هو ما يراد بالإسلام والعرب والمسلمين مهما اختلفت أفكارهم وتطلعاتهم ومواقعهم ومواقفهم.
فالأمر أصبح واضحاً جلياً لكل ذي عينين ولم يعد يحتمل الاجتهاد والجدل، وأصبح الوقوف إلى جانب المملكة والمحافظة على أمنها واستقرارها ديناً في عنق كل عربي ومسلم مهما اختلفت المواقع والمشارب، والوقوف صفاً واحداً في وجه الخصوم والأعداء مهما كانوا وحيثما كانوا، ولا أخالهم إلا فاعلون.