لا أجد عبارات تجسد ما يحمله المؤمنون من رد فعل تجاه محاولة الاعتداء الآثمة على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، والتي كانت صدمة بكل المقاييس انتهك فيها الشهر الكريم، وانتهكت فيها قيم الوفاء والعفو الذي رسّخه ولاة أمرنا، وبرزت فيها معاني الغدر والخيانة وانحراف الفكر وضلال المعتقد.
فكيف يجرؤ من يدّعي الانتماء للإسلام أن يستحل دماء المسلمين.. بل يستحل الاعتداء على ولاة أمر المسلمين القائمين بالقسط المظهرين للشريعة الناشرين لمعتقد السلف الخادمين للحرمين الشريفين.
إنها معاني ألم مما يفعله بعض هؤلاء الضالين، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، وإننا نرى أن هذا الشذوذ والضلال إلى زوال إن شاء الله غير أن هناك وقفات لا بد أن نقفها مع هذه الحادثة.
الوقفة الأولى: إن ما وقع من حادث أليم لسمو الأمير محمد بن نايف -حفظه الله- يُعتبر استهدافاً لرمز من أهم رموز الوطن، أمضى وقته وجهده في ترسيخ أمن البلاد، وحمايته في جميع الأصعدة، فنال بذلك محبة الجميع وإشادتهم.
الوقفة الثانية: إن الجميع يستبشرون بسلامة سمو الأمير، وبهذه المناسبة أحمد الله تعالى على سلامة الأمير وأهنئ أولاً سمو الأمير -حفظه الله- بنجاته من هذا الاعتداء الآثم، ثم أهنئ نفسي وجميع المسلمين، وأشيد بجهود ولاة أمرنا في هذه البلاد المباركة في خدمة الدين والوطن، وخدمة العقيدة الإسلامية الصحيحة ومحاربة كل ما هو دخيل عليها من أفكار منحرفة ومناهج ضالة.
الوقفة الثالثة: إن هذه الحادثة أظهرت تكاتف الجميع ووقوفهم مع ولاة أمرهم أمام هذا الفيروس الذي بلغ به الجنوح إلى محاولة الاعتداء على النفوس.
الوقفة الرابعة: إن هذا الاعتداء يُعتبر اعتداء على ولاة الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم في قوله سبحانه: (يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوِلي الأَمْرِ مِنْكُم).
الوقفة الخامسة: أن هذا الاعتداء يثبت استحلال هذه الفئة للدماء وأن دعواهم ليست من الإسلام في شيء، والنفس المؤمنة المعصومة يعتبر قتلها من أكبر الكبائر قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء 93).. وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دماً حراماً) رواه البخاري.
الوقفة السادسة: إن ذلك الاعتداء من قتل النفس (الانتحار)، وقد وردت النصوص الشرعية الكثيرة في تحريم قتل الإنسان نفسه والترهيب من ذلك واعتبار هذا الفعل من كبائر الذنوب التي تُعرض صاحبها لعذاب الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) رواه البخاري ومسلم.
الوقفة السابعة: إن استهداف الأجهزة الأمنية والقائمين عليها يؤدي إلى اختلال الأمن في البلاد كلها، ولا يمكن أن يستقر عيش المجتمع إلا في ظلال أمن وارف، ولا يمكن أن يحصل الأمن إلا في ظل ولاة يدين لهم الناس بالسمع والطاعة، وهذه معادلة مهمة في أمن المجتمعات.
الوقفة الثامنة: إن هذه الأعمال وتلك الفرق الضالة تُدار من جهات أجنبية هدفها إضعاف هذه البلاد والسبب أنها قلب الإسلام ورافعة راية العقيدة ومحكمة الشريعة، وإلا فلماذا تستهدف هذه البلاد؟!!
ولا يختلف اثنان أن هذا الفعل خدمة لأعداء الدين وذلك بنشر الفرقة بين المسلمين وشق صفهم، وإضعاف كلمتهم، والظهور أمام الأعداء بمظهر الضعف والاختلاف.
الوقفة التاسعة: إن في هذا الاعتداء تشويهاً لصورة الإسلام أمام غير المسلمين، فإذا رأوا المسلمين في اختلاف واقتتال فكيف يعتنقون هذا الدين؟! وكيف يقتنعون بمبادئه العظيمة وهم يرون المسلمين يخالفونها؟!
الوقفة العاشرة: إن شهر رمضان كما أن فيه تضاعف الحسنات كذلك تُعَظَّم فيه السيئات، وذلك لحرمة هذا الشهر الفضيل وكون من يرتكب المعاصي فيه قد انتهك حرمته، قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: (إذا كان الشهر فاضلاً والمكان فاضلاً ضوعفت فيه الحسنات، وعظم فيه إثم السيئات، فسيئة في رمضان أعظم إثماً من سيئة في غيره).
هذه بعض الوقفات المهمة حول هذا الاعتداء وهي غيض من فيض مما يمثّله هذا الاعتداء من جرم وعدوان، وما يحويه من مفاسد عظيمة يحدثها مثل هذا التصرف المشين الذي وقع لسمو الأمير -حفظه الله-.. ولو تفكر العاقل لحظات بسيطة لأخرج الكثير والكثير من المفاسد.
أسأل الله تعالى أن يديم على هذه البلاد دينها وأمنها، وأن يحفظ لنا ولاة أمورنا، وأن يكفينا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يمكن لهذا الدين ويعلي كلمته إنه تعالى سميع مجيب.