اهتم الإسلام بسن الطفولة لأنها أكثر قابلية للتعلم والتأثير والمحاكاة، ولذا يأمر الآباء والمربون بتدريب أطفالهم على الطاعات وأداء الفرائض حتى يبلغوا سن التمييز، فالطفل إذا استوعب منذ نشأته المسائل العبادية رسخت في قلبه وأحبها في صغره وبذلك لا يصعب إقناعه ببقية العبادات والمسائل الفقهية والإيمانية في الكبر لأنه سيجدها واضحة ومن ثم يتبعها بكل جوارحه وكيانه فالحاجة إلى الإيمان حاجة نفسية أساسية لا غنى للطفل عنها ومفهوم العبادات من أهم القضايا التي يجب على الوالدين تربية أطفالهم عليها وزرعها في نفوسهم من خلال الالتزام بأداء الفرائض والتمسك بالأحكام وذلك من خلال إفهام الطفل أن العبادة حق لله سبحانه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ولذلك علينا أن نتوجه بأعمالنا وأقوالنا ظاهرها وباطنها لابتغاء مرضاة الله وهي طريق لنيل محبة الله وتوفيقنا في الدنيا وفوزنا بالفردوس الأعلى في الآخرة.
ولتعويد الطفل على عبادة الصوم هناك مراحل:
- مرحلة التلقين والتحبيب:
فالطفل حينما يرى والداه وأسرته صائمين ويرى في ذلك فرحهم بشهر رمضان ويعرف السبب ينشأ على حب الصيام ويرغب في محاكاة والديه.
- مرحلة التعليم:
وهي أن يبدأ الوالدان بتعليم أطفالهما فضل الصوم وكيفية الصيام وفضل شهر رمضان المبارك ويغلب هذه المرحلة التشجيع على الصوم والمكافأة لمن صام ففي البخاري:باب صوم الصبيان:
عن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غذاء عاشوراء إلى قرى الأنصار:من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه،ومن أصبح صائما فليهم، قالت: فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا. ونجعل لهم اللعبة من العهن (الصوف المصبوغ) فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار.
ومرحلة تعليم الصوم تكون بالتدريج كأن يصوم جزء اليوم ومن ثم يصوم اليوم كله مع الحرص على تناوله وجبة السحور وتشجيعه على مشاركة الأسرة في إعداد الطعام.
- مرحلة التطبيق والمحاسبة:
على الوالدين والمربين مراقبة جانب التطبيق للعبادة وذلك منذ بلوغ سن التكليف للأبناء ولعل تعويد الصغار على الصوم وتشجيعهم رغم صغرهم ييسر الكثير من المشاكل التربوية العبادية التي قد تنشأ لدى من لم يعود أبناءه وعلى الأم والأب أن يصبروا ويسلكوا الطرق التربوية السليمة في تعاملهم.
وعليهما أن يعيا الفوائد التربوية لصيام الأطفال:
- أن الصيام يغرس خلق المراقبة والصبر والمحاسبة.
- يعود النظام والطاعة والالتزام لأن العبادات جمعها تأتي في أوقات محددة وتخضع لنظم ثابتة.
- إن الصيام يعود الطفل على الأمانة في كل أمور الحياة لأن الصوم تربية للضمير يحرص الصائم على مرضاة ربه في كل الأحيان والأحوال.
- تشعر الصغير بمساعدة الفقير والمحتاج وتذكره بضرورة مساعدته وتربية لمشاعر الصغير ليشعر بآلام غيره ويعمل على مواساتها بما يستطيع ومن أجمل المواقف التربوية في ذلك أن يذهب الأب مع ابنه للأحياء أو المناطق الفقيرة ويقوم بمشاركة والده في توزعة الصدقات من مأكل وملبس أو أن تقوم الأم بتكليف ابنها على توزعة بعض الأطعمة على الجيران والأقارب والعمال.
إن التربية الإيمانية إن لم يؤد الوالدان حقها تجاه أبنائهم فكأنهم لن يقدموا لأبنائهم شيئا.يقول الله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.