Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/09/2009 G Issue 13495
الاربعاء 19 رمضان 1430   العدد  13495
محمد بن نايف جهاد ومواقف
عبدالمحسن بن سالم باقيس

 

إن من أصول أهل السنة وجماعة السمع والطاعة لأئمة المسلمين وولاة أمورهم ولهذا قال البربهاري: (إذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة وإذا رأيته يدعو عليه فاعلم أنه صاحب بدعة)، وعلى هذا سار أهل الإسلام وعلماء الأمة حتى قال الإمام أحمد رحمه الله: لو كانت لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان. فما أعظمها من كلمات ميزت أصحاب الحق والهدى من دعاة الضلالة والردة لا سيما ونحن في هذه الأزمنة التي غشيها فتن وبلايا أصولها قديمة وجذورها حية وطرقها خفية مزقت الأمة وفرقت وحدتها حتى أصبح الحليم فيها حيران من شدة هول الخطب فما أقبحها من رزايا وما أسوأها من خطايا أن يستهدف فيها قادة الأمة وعظماءها أهل الرأي السديد والقول الرشيد والعمل ذي النظر البعيد فكم بذلوا؟! وكم سهروا؟! وكم عانوا من الأحداث والمواقف الدامية التي ذهب ضحيتها الأبرياء وما ذاك إلا بسبب شحن شبابنا على حكامنا وصرفهم عنهم وانكبابهم على تلك الكتب الفكرية والأشرطة الثورية والبيانات الجماعية عبر المواقع العنكبوتية حتى أصبحوا أدوات فساد ودمار على مجتمعاتهم وأوطانهم التي قدمت لهم الشيء الكثير من التضحيات في شتى المجالات الأمنية والتعليمية والصحية والاجتماعية حتى أصبح الواحد منا يسير لا يخاف إلا الله عز وجل { الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ} فكم آلمنا وفجعنا عندما سمعنا محاولة الاعتداء الفاشلة على نجل أسد التوحيد وعرين السنة وسليل رجل الأمن الأول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية راعي المواقف السديدة والتوجيهات الحكيمة في حماية شبابنا من الأفكار التكفيرية والمناهج الضالة وما الدور العظيم الذي قام به في إنشاء لجنة المناصحة والإسهام في تكوينها إلا جزء من دوره الريادي في بناء الأمة حتى عالجت الكثير من القضايا الفكرية والشبه التكفيرية فتصدت لها بتوفيق من الله ثم بالجهود التي يبذلها حفظه الله ولقد سمعتم شيئا من ذلك خلال حديثه مع التكفيري المنتحر عندما قال له الأمير: ضعوا الله بين أعينكم وأبشروا بالخير فأنتم مثل أبنائنا، ولا شك أن المواقف لن نستطيع أن نحصيها فكان من مواقفه شدة حرصه في الاتصال على أهل المطلوبين والاطمئنان عليهم وهذا سمعه الجميع خلال اللقاء مع - ابن ملجم- المنتحر كذلك من المواقف يقوم بالاتصال على أهليهم يبشرهم فيه برجوع أبنائهم إلى السعودية كذلك يقوم بدور جبار في إرجاعهم إلى وظائفهم ثم يقوم بالتكفل بنفقات زواجاتهم وحضورها وغيرها من المواقف النبيلة التي عرفت عنه ومع هذا كله يقابل الإحسان بالإساءة فما أقبحهم من قوم أصحاب مكر وغدر وخيانة وسوء طوية فها هو التاريخ يعيد نفسه فما أشبه الليلة بالبارحة وكأن الأحداث تتجدد للأمة فمن الذي قتل علي رضي الله عنه وهو خارج لصلاة الفجر في رمضان ومن الذي غدر بخال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أليسوا الخوارج فها نحن نرى الحال يتكرر فتاريخهم مليء بالإساءة للإسلام وإلا ماذا تريدون من رجل يمضي جل يومه في خدمة أمن البلاد حتى قال عنه سماحة مفتي عام المملكة شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ: يمضي ما يقارب عشرين ساعة من يومه في خدمة أمن البلاد ولا شك أنه جهاد وإخلاص، ولكنهم (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) فحمداً لك اللهم حمداً على سلامة الأمير وأسأل الله أن يرفع درجاته في عليين، ولا شك أن هذه الحادثة تدفعنا للوقوف عندها وقفات:

الأولى: لا بد من الوقوف مع قيادات الشباب وقفة صريحة سواء في المخيمات الدعوية أو الملتقيات الشبابية أو المراكز والنوادي الصيفية والدور النسائية يتجلى فيها الغموض ويكون الطرح بكل شفافية فوقت التلميح والتعريض انتهى فلا مجال للتبرير والتخدير بدعوى الحكمة السكوت أو لكي نكسبهم!! فهذه أساليب انكشفت وبان الخلط فيها والحقد على حكامنا وولاة أمورنا فالأمة مستهدفة في قياداتها وأمنها فماذا تنتظرون أيها الدعاة والمربون؟!

الثانية: للإعلام دور كبير في الأمة لأن التوجيه لا يقف على الدعاة والناصحين بل لا بد من وقفة من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في تكثيف البرامج واللقاءات والندوات والحوارات لتوعية شبابنا من هذه الأفكار السيئة ولا يقتصر الأمر على وقت الحدث فقط فالخوارج لا ينتهون وها هم يتجددون.!!

الثالثة: لا يشك أحد على الدور الكبير الذي يقوم به المعلمون والمدرسون فأبناء الأمة أمانة في أعناقكم فماذا أعددتم لهم لأن الأمة اليوم جرحها كبير ونزفها يسيل فبماذا سيكون العلاج؟

الرابعة: وهي رسالة أوجهها لأئمة وخطباء المساجد الناس يستمعون إليكم فكم وكم من التوجيهات الصادقة والناصحة التي نفع الله بها فكان لها الدور الكبير والنقلة في تغيير كثير من الأحوال فماذا أعددتم لشباب المسلمين؟ شبابنا اليوم بحاجة ماسة لمن ينور عقولهم ويزيل كثيرا من الإشكالات في أذهانهم، شبابنا بحاجة إلى من يوضح لهم حقيقة فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، شبابنا بحاجة لمعرفة أحكام الجهاد الإسلامي وفق الضوابط الشرعية التي قررها علماء الإسلام وفقهاؤهم، شبابنا اليوم بحاجة لمعرفة أحكام البيعة في الإسلام لولي أمر المسلمين، شبابنا بحاجة ماسة لمعرفة خطورة قتل النفس بالقيام بالعمليات الانتحارية، شبابنا بحاجة لمعرفة كيف يكون التعامل مع غير المسلمين؟ شبابنا اليوم بحاجة لمعرفة خطر الأحزاب والجماعات على المجتمعات في بلاد المسلمين، شبابنا اليوم بحاجة لمعرفة خطر المظاهرات والمسيرات وشرها على الأمة، فماذا أعددتم لذلك لا شك أن في أذهانكم الشيء الكثير فالمسؤولية عظيمة جداً تحتاج إلى جهود فأين أنتم منها؟

وختاماً: حدثني أحد الإخوة عن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله قال وكنت معه في المستشفى التخصصي بالرياض فقام الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والأمير سلطان والأمير سلمان بزيارة للشيخ للاطمئنان على صحته فبدأ الملك فهد يسأل الشيخ عن صحته فقال له الشيخ الحمد لله بخير وعافية وغداً سنخرج وسنداوم بإذن الله. فقال له الملك فهد نخشى عليك التعب وأنت تحتاج إلى راحة، فقال له الشيخ: أنا بخير والناس بحاجة للإجابة عن استفتاءاتهم وأنا راحتي في الدوام. فقال له الملك فهد: يا شيخ عبدالعزيز خذ إجازة والله سبحانه يقول: و{أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)} فرد الشيخ بقوله: (سمعنا وأطعنا} فلما أحس الملك رغبة الشيخ في الدوام قال له: نحن نريد الذي يريحك يا شيخ وإن كانت راحتك في الدوام فاذهب، ثم قام الجميع بالسلام على الشيخ وتقبيل رأسه. أسأل الله أن يحفظ هذه البلاد من كل مكروه وأن يديم عليها أمنها واستقرارها وصلى الله وسلم على نبينا محمد.



bagis222@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد