قرأت الكثير من التحليلات الاقتصادية التي تحدثت عن شراهة الاستهلاك في رمضان.. فوجدت أن كل.. أو أكثر هذه التحليلات الاقتصادية تتحدث عن وجود هذه الشراهة كواقع فعلي.. وتُعطي أسباباً لها صفة العمومية.. ولكنها لم تلامس السبب أو الأسباب الحقيقية.. كما أنها تعطي حلولاً هي إلى الحلول الحلم أقرب منها إلى الحلول الواقعية؛ فهي كمَن يعطيك حلاً لأي مشكلة أو قضية ولا يهمه.. هل هو قابل للتطبيق أم لا؟
** التبذير والإسراف ظاهرة.. والإفراط في المشتريات تشهد له المحلات التجارية..
** تذهب إلى الأسواق فتجد الناس تسحب البضائع من كل شكل وصنف.. حتى الطلب على الأرز نفسه يتضاعف في رمضان.. مع أن الناس تشتري مكرونة وشوربة ودقيقاً بكل أصنافه والذي يدخل في صناعة وطبخ أصناف من المأكولات التي تغني عن الأرز، وهكذا، حتى المخابز نفسها تشهد ازدحاماً.
** ولو ذهبت إلى الجزارين لوجدتهم قد ضاعفوا عدد الذبائح من كل صنف خمس مرات.. ومعنى هذا أن هناك طلباً كبيراً على اللحوم.. وهكذا الدواجن هي الأخرى.. تشهد طلباً متزايداً.
** ومثله.. لو ذهبت إلى سوق الخضار فستجد سحباً كبيراً على (الورقيات) وعلى الفواكه والخضراوات بكل أشكالها وأصنافها.. سحب وطلب يُعد أضعاف الطلب قبل رمضان.
** وهكذا محلات الحلويات هي الأخرى تشهد إقبالاً يعد أضعاف الإقبال قبل رمضان.
** المطاعم يتضاعف عليها الطلب وهكذا محلات التمور.. فهل كل هذه المأكولات وكل هذه البضائع تؤكل بالفعل؟
** أم أنها إجابة للسؤال الذي يقول: لماذا تتضاعف النفايات في رمضان عدة مرات؟
** لو لاحظت براميل النفايات قبل رمضان ثم لاحظتها خلال رمضان لوجدتها تضاعفت أكثر من مرة.. بل إن بعض البراميل تفيض، وتجد أكياساً سوداء حولها؛ لأن البرميل أو الحاوية امتلأت ولم تعد تتسع للمزيد.
** وما الذي يوجد في داخلها؟
** وما الذي ملأها حتى فاضت؟!
** أليست هي الأطعمة التي سُحبت من الأسواق والمحلات؟!
** إنها النعمة.. رُميت في (الزبالة)!
** وهذا يُعد أولاً كفراً بالنعمة ثم هو أيضاً هدر للاقتصاد.
** نحن.. هذه حالتنا في كل رمضان.. لا نعرف إلا الإسراف.. مع أن رمضان قد أسقط وجبة كاملة هي وجبة الغداء.. لكننا استعضنا عن ذلك بسحب كل ما في الأسواق!
** ولو وقفت أمام أي مطبخ ستشاهد عشرات الصحون و(البوادي) تخرج من المطبخ وتوضع في السيارات.. فهل هذه التلال من الأرز واللحوم تؤكل؟
** وما نسبة ما يؤكل منها؟
** أجزم.. أنه دون الربع.. دون 25% والشاهد براميل النفايات!
** ثم لاحظ الشاحنة وهي تُنزل أكياس الأرز في المطابخ والمطاعم.. واسأل نفسك: كم نسبة ما يؤكل من هذه الأكياس؟
** هل هو الضعف.. أم الربع أم أقل؟!
** أجزم أنه أقل من الربع.
** هكذا حالنا.. هدر في كل شيء.
** حياتنا كلها نحولها إلى هدر.. في الوقت والصرف والإنفاق.. وفي كل شيء.
** ليس لدينا حساب.. ولا ضوابط.. ولا تنظيم.. ورمضان شاهد علينا في إهدار المال والوقت.
** هل يمكن أن نتعظ؟
** هل يمكن أن ننظم أمورنا ولا نشتري ولا نطبخ ولا نضع على مائدتنا إلا ما سنأكله بالفعل؟
** هل يمكن أن نكف عن شراء ما لا نحتاج إليه؟