أما وقد كتب الزميل فايز الحربي عن الدكتور صالح بن عبدالله المالك في عموده في جريدة الجزيرة الجمعة 14 رمضان، كتب عن ذلك الرجل الذي عرفته من فترة ليست بالقليلة، ولا بأس في أن أكتب بعد فترة من وفاته رحمه الله رحمة واسعة.....
.....وأسكنه فسيح جناته. الدكتور صالح عرفته عندما كان أستاذا في جامعة الملك سعود في قسم الدراسات الاجتماعية، وكان من ضمن ما يدرس مقررا في الاجتماع الحضري، وكنت أتداخل معه، حيث إن اهتمامي بالجغرافيا الحضرية، أو جغرافية المدن. كنت عائدا من مقر بعثتي لأقوم بإجراء الدراسة الميدانية عن الهجرة الحضرية في مدينة الرياض، ومن ضمن متطلبات البحث الميداني اختيار باحثين لتطبيق استبانة البحث في بعض أحياء مدينة الرياض التي وقع الاختيار عليها. وعندما قابلته في مبنى كلية الآداب بالملز، عرض علي أن ألقي محاضرة على طلابه أعرض فيها فكرة البحث والعمل الميداني المطلوب، وكان- رحمه الله- متحمساً لفكرة أطروحتي للدكتوراه، وكان خير مشجع ومساعد لي في هذه المرحلة التي يعرف أهميتها كل من مر بمثل هذه التجربة.
كنت أجلس معه جلسات نتناقش في العديد من المفاهيم المشتركة بين التخصصين الجغرافيا وعلم الاجتماع، ولكم أسعده عندما علم أن تخصصي الثاني علم الاجتماع. ومرت الأيام وعدت من البعثة لأعمل في قسم الجغرافيا بكلية الآداب، ثم انتقل- رحمه الله- إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية ليعمل وكيلا لها. عمل في الوزارة عددا من السنوات، ثم كان آخر عمل له أمينا عاماً لمجلس الشورى.
كانت الصلة معه مستمرة حتى بعد انشغاله بالمهام الإدارية، ومن ذكرياتي معه عندما عقد قسم الجغرافيا بجامعة الملك سعود، ندوة بعنوان "المدن السعودية انتشارها وتركيبها الداخلي، وكان المتحدث الرئيسي في افتتاح تلكم الندوة، وفي كلمته برزت أكاديميته التي لم يتخل عنها وذلك باستعراض نظريات التكوين الداخلي للمدن، تلكم النظريات التي يضمنها الأكاديمي الذي يدرس مقرر جغرافية المدن، وكذلك عالم الاجتماع الذي يدرس مقرر الاجتماع الحضري، ولا يعني هذا أن هنالك تداخلا بين التخصصين، بقدر ما بينهما من تكامل، فكل من التخصصين يتناول الموضوع من منطلقات نظرياته ونماذجه الخاصة به. رحم الله الدكتور صالح المالك الذي جمعتنا به الزمالة والصداقة والاهتمام الأكاديمي المشترك.
وصلته مع أسرتي قديمة قدم دراسته في المعاهد العلمية، فكان ممن يعرفه العم الشيخ عبدالله بن عمر بن عبداللطيف- رحمهما الله- الذي كتب الله أن ألتقي بهما في مدينة لندن وفي فترة إجازة حج، وأتذكر أنه بناء على اقتراح من الدكتور صالح أدينا سويا صلاة عيد الأضحى في المسجد.
جزى الله الزميل الكاتب فايز الحربي الذي ذكر في مقالته أن ما شجعه على أن يكتب عن الموضوع هو صدور كتاب عن الفقيد بعنوان (فقيد الشورى ذو الأمانتين: مقالات تأبينية في الدكتور صالح بن عبدالله المالك)، الذي أعده ابن عمه الأستاذ خالد بن حمد المالك، رئيس تحرير جريدة الجزيرة. وما شمله الكتاب من مقالات تشهد بالسيرة العطرة للفقيد، ومن المعلوم أن الناس هم شهداء الله في أرضه، فالمحظوظ من شهد له الخيرون بالخير، اللهم ارحم صالح المالك وكفر عنه سيئاته وارفع من درجاته في جنات النعيم وارحم موتى المسلمين واجمعنا بهم في دار كرامتك، إنك سميع للدعاء مجيب.