هذا العنوان ليس مني، بل هو عنوان لمقال كتبه ايلي كلفتون Eli Clifton ودانيال لوبان Daniel Luban ونشراه في موقع مراسل وكالة الأسيوشيتدبرس ومدير مكتبها في واشنطن جيم لوب Jim Lobe في 12 أغسطس الماضي. يتحدث الكاتبان في.....
....هذا المقال عن برنامج إسرائيلي تقوم بتنفيذه (الدولية للحلول الأمنية Security Solutions International (SSI))، وهي مجموعة دار حولها جدل واسع بسبب علاقاتها بالمجموعات التي تروج لإرهاب الإسلام Islamophobia، إذ تنوي هذه المجموعة أن تختار عينة من المسؤولين عن تطبيق القانون في الولايات المتحدة والسفر بهم إلى إسرائيل لتلقي تدريب على الأمن الداخلي لمكافحة الإرهاب. لكن التعريف بمفهوم مكافحة الإرهاب وجلسات التدريب على الفنون القتالية، ليست سوى جزء واحد من هذا البرنامج التدريبي، فالبرنامج يشتمل كذلك على زيارات للمواقع الدينية في الأرض المقدسة، وهو أمر من المتوقع أن يكون جاذباً للنصارى الصهاينة. كذلك ستكون هناك زيارات لبعض المؤسسات والمواقع مثل الكنيست و(الجدار الأمني) الإسرائيلي.
ما ينبغي أن نعرفه أيضاً عن هذه المجموعة الإسرائيلية هو آراؤها الواضحة التي تقول إن تزويد المتدربين بمعلومات تحمل علامات إنذار وتحذير عن الإسلام هو جزء مهم في التدريب على مكافحة الإرهاب.
اللافت في هذا البرنامج التدريبي أن الرحلة لحضوره ممولة من وزارة الأمن الداخلي في الولايات المتحدة. ويعد تمويل الوزارة لهذا البرنامج شاهداً حياً على أن مجموعات متطرفة تروج للخوف من الإسلام قد استغلت (الحرب العالمية على الإرهاب) لتحقيق أغراضها الخاصة. يقول الكاتبان: إن مجموعة (الدولية للحلول الأمنية) بالإعلان عن تمويل وزارة الأمن الداخلي الأمريكية لهذا البرنامج، جاء فيه: (قامت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية بتمويل رحلة تدريب لبرنامج أعدته (الدولية للحلول الأمنية)، وحسب علمنا فإن هذه الرحلة تعتبر أول رحلة من نوعها تسند لشركة خاصة، وهذا البرنامج معتمد لطلاب وخريجي الجامعات. إن البرامج التدريبية التي تنظمها (الدولية للحلول الأمنية) في إسرائيل يحضرها أفراد ورؤساء وحدات الشرطة، ومسؤولو إدارة الطوارئ، والطرق، والدفاع المدني، وقوات المهام المشتركة لمكافحة الإرهاب، والإدارات الحكومية المعنية بتطبيق القانون، ومنسوبو أفضل 500 شركة حسب التصنيف السنوي لمجلة فورشن Fortune، ومنسوبو وزارة الأمن الداخلي وغيرهم).
أرأيتم هذه العينة المستفيدة من البرنامج التدريبي التي اختارتها المجموعة الإسرائيلية بعناية فائقة؟ ولذلك لم يشتمل برنامجها التدريبي على لقاءات مع منسوبي الأمن الإسرائيلي، أو عروض عن (الإرهاب الانتحاري) فقط بل شمل كذلك أنشطة سياحية ذات طابع سياسي، مثل زيارة الكنيست الإسرائيلي، و(الجدار الأمني) في الضفة الغربية، والمدن التي تقع في جنوب الدولة الصهيونية والتي كانت هدفاً لهجمات الصواريخ من قطاع غزة في الحرب الأخيرة، وزيارات ذات طابع ديني، مثل زيارة مدينة القدس القديمة، وبعض الأماكن المسيحية المقدسة.
الأمر الأكثر غرابة هو ما ظهر في الإعلان الذي وضع على موقع مجموعة (الحلول الأمنية الدولية) على شبكة الإنترنت حول العرض الذي ستقدمه خلال البرنامج التدريبي حول (التهديد الإسلامي الجهادي). وقد جاء في هذا الإعلان حسب ما نقله الكاتبان عن مضمون إعلان المجموعة: (في برنامج رائع وحافل يستمر لمدة يومين، سيتم تعريفكم بمراحل تكوين الدين الإسلامي، وفهم الفروع المختلفة للإسلام، وكيف تكونت هذه الفروع، وما هي الأيديولوجية التي تستند عليها. سيتم كذلك أخذكم في رحلة تاريخية من أجل الفهم الحقيقي كيف أن التطرف متغلغل في الإسلام الراديكالي. ستتعرفون أيضاً على الثقافة الإسلامية، وهي معرفة ستساعدكم على بناء علاقات مع المجتمعات الإسلامية، ومعظمها يمكن أن تساعد في الكشف عن التهديدات الراديكالية مثل: من أين جاءت الكراهية؟ الجهاد، أركان الإسلام الخمسة، رمضان، المجموعات الإرهابية المحلية، المجموعات الإرهابية الدولية، فهم ثقافة الجهاد).
رسالة تدريبية صارخة وملغمة بكل معاني الحرب الدينية والحضارية التي تحملها الشخصيات اليهودية المؤثرة في العقل والوعي السياسي والعسكري الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة، في وقت يتنادى فيه العالم إلى ثقافة الحوار لتحقيق السلام والأمن الدوليين.
ليس الغريب أن يصدر ذلك من اليهود الإسرائيليين، فهم وراء كل مشروع ديني وسياسي وعسكري من شأنه أن يذكي روح العداء والكراهية للمسلمين في كل مكان وزمان، لكننا نتساءل مع الكاتبين الأمريكيين الفاضلين: لماذا تحصل هذه المجموعة على تمويل من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية؟ أليس ذلك هو مما يروج للكراهية بين الشعوب، ومن بينها شعوب العالم الإسلامي والأمريكيين أنفسهم؟ يجب على الولايات المتحدة أن لا تجعل من مؤسساتها الرسمية - والأمنية على وجه الخصوص - مرتعاً لتخصيب ثقافة الكراهية، أو مطية لتحقيق مصالح زعامات سياسية أو جماعات دينية غير أمريكية، ولا تخدم توجه الإدارة الأمريكية الجديدة في (إعادة ترميم) أو بناء مزيد من جسور التفاهم بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.