في سنوات شباب الإنسان الجزء الأكبر من عنفوان الحياة وبهجتها إذا تم استثمار هذه المرحلة على وجهها المطلوب، وقد يمر الإنسان بهذه الفترة وهو يعلم بما تعنيه غير أنه لا يملك العوامل المساعدة لجني ثمار مرحلته فتمضي به السنون دون أن يحقق جل طموحاته وآماله ليس خمولاً وكسلاً لكنها سنة الحياة التي يهب الله فيها خلقه ما يشاء لمن يشاء.. وبعد هذه الفترة النشطة من عمر الإنسان تأتي فترات متتالية ضمنها الشيخوخة والمشيب قبل الهرم؛ فيتذكر الإنسان سنينه الخالية من الفتوة والشباب متمنياً عودتها آملاً أن يعمل ويحقق ما لم يحققه آنذاك ومردداً ألا ليت الشباب يعود يوماً، وهذا في رأيي تغذية إضافية لخنوع النفس والتأكيد عليها بالاستكانة والقناعة بما كان وتم من حصيلة السنين الماضية، فالأرجى للمرء حتى وإن أدركه التقاعد من وظيفة رسمية أو وجد من نفسه ميلاً للراحة من أعمال خاصة فهذا لا يبرر قتل الهمم بدعوى الاكتفاء من العمل ولزوم الراحة بقية العمر، فالراحة المنشودة كثيراً ما تكون في العمل الدؤوب بقدر الإمكان والمستطاع حتى في خريف العمر فلكل فصل ومرحلة من أعمارنا ما يناسبها من جهد وعمل ولكل إنسان ما يحسنه من صنوف الأنشطة والأعمال التي يفيد بها نفسه وذويه ومجتمعه.. وهذا غير مشروط بالمردود الربحي والمكاسب المادية من وراء أعمالنا وأنشطتنا فالمكاسب التي نقدمها للمجتمع ومؤسساته هي أرباح وفيرة إذا نظرنا لها بعين متحضرة هدفها المصلحة العامة.